تتواصل الاحتجاجات الداخلية في دولة الاحتلال ضد سياسة الحكومة الفاشية، وآخرها انضمام المزيد من الاقتصاديين والرؤساء التنفيذيين، وإرسال رسالة تحذير مفادها أن ما يصفونه بـ"الانقلاب" القانوني سيزيد من المخاطر التي يتعرض لها الاقتصاد الإسرائيلي.
ليست المرة الأولى التي ينضم فيها كبار الاقتصاديين في دولة الاحتلال لهذه الاحتجاجات المتصاعدة ضد الحكومة، لكن الجديد فيها أنها تعبر عن قلقهم العميق من تحركات الحكومة، والمتوقع أنها ستضر باستقلالية النظام القضائي، وستلحق ضررًا غير مسبوق بالاقتصاد الإسرائيلي من تضرر التصنيف الائتماني لدولة الاحتلال، وزيادة هروب رؤوس أموال الشركات العالمية العاملة فيها، وبالتالي سيؤدي إلى انخفاض في نطاق الاستثمارات، وهذا سيضر أولاً وقبل كل شيء صناعة التكنولوجيا العالية الإسرائيلية، بوصفها المحرك الأساسي للنمو الاقتصادي.
لم تقتصر المخاوف الاقتصادية على هذا الحدّ، بل إنها مضت إلى أبعد من التحذير مما أسمته "هجرة الأدمغة" خارج دولة الاحتلال، ما سيكون له عواقب على القوة الاقتصادية للدولة، بجانب الآثار السلبية المباشرة لتحركات الحكومة، في ضوء القلق الخطير من أن يؤدي إضعاف القضاء إلى أضرار طويلة الأمد للمسار الاقتصادي، ونوعية حياة سكان الدولة، استنادًا إلى أكثر الدراسات التي يُستشهد بها في البحوث الاقتصادية.
بالانتقال إلى شريحة محتجّة أخرى، فقد عبر عدد من الدبلوماسيين رفيعي المستوى عن موقفهم المهني المحذّر من المخاطر على الساحة الدولية، وهم يعتزمون لقاء عدد من كبار المسؤولين السياسيين في الدولة، على اعتبار أن ما الأعمال التي تقوم بها الحكومة ليس إصلاحًا قضائيًا كما تدّعي، بل هي محاولة انقلاب ستحول الدولة إلى دكتاتورية خاصة بنتنياهو، وتدمر اقتصادها، وتضر بأمنها.
ترتبط هذه الاحتجاجات المتصاعدة بصورة وثيقة، خاصة مع انضمام المزيد من الفئات الإسرائيلية إليها، مع ما نشره معهد الديمقراطية الإسرائيلي من بيانات مقلقة كشفت أن ثلث الإسرائيليين يخشون اندلاع حرب أهلية، ويعارض غالبية المستطلعين التغييرات القانونية، فضلًا عن تراجع الثقة في النظام القانوني وانخفاضها، صحيح أن 55٪ من الإسرائيليين يعتقدون أن فرص نشوب حرب أهلية منخفضة، لكن حوالي الثلث لا يزال يتوقع حدوثها.
تظهر هذه المعطيات انقسامًا عميقًا في الجمهور الإسرائيلي، يضاف إلى مشاركة عشرات الآلاف من المحتجين في العديد من المدن، وتزايد انخراط دفعات أخرى من الإسرائيليين الرافضين لما تقوم به الحكومة من محاولة لـ"تديين" الدولة، وفرض أيديولوجية فاشية عليها، ومن المعروف أن مثل هذا الوضع من الانقسامات المتداخلة يمثل خطورة كبيرة على استقرار دولة الاحتلال، وما سيسفر ذلك عن دخول جبهة جديدة إلى جبهات المخاطر الأمنية، لم تكن مدرجة على أجندة صانع القرار السياسي والأمني، وهي الجبهة الداخلية، الأخطر من كل الجبهات الخارجية!