لم يمهل عناصر أجهزة أمن السلطة المحرر محمد عامر الكثير من الوقت، بعدما جاء من مدينة جنين شمالي الضفة الغربية المحتلة، إلى دوار مجلس الوزراء في رام الله، للاحتجاج على قطع راتبه الشهري المكفول وفق قانون منظمة التحرير.
وشرع عامر البالغ (52 عامًا) في إضراب مفتوح عن الطعام، أول من أمس، احتجاجًا على استمرار قطع راتبه بعد أن قضى من عمره 17 سنة متقطعة خلف قضبان سجون الاحتلال.
اقرأ أيضاً: لجنة القوى تطالب السلطة بالتراجع عن قطع رواتب الأسرى
وينتمي عامر إلى حركة "فتح"، وهو متزوج ولديه 3 من الأبناء والبنات، كُبراهم ابنة تبلغ (18 عامًا)، وأصغرهم بعمر (5 أعوام)، ولديه أربعة أشقاء يعانون إعاقات مختلفة، بينهم اثنان أصيبا بنيران جيش الاحتلال أحدهما في انتفاضة الحجارة 1987، والآخر في انتفاضة الأقصى 2000.
تداعيات إنسانية
وقال لصحيفة "فلسطين"، إن قطع راتبه بقرار من السلطة ترك تداعيات إنسانية خطيرة على أوضاعه الإنسانية وعائلته، خاصة أنه لا يملك مصدر دخل آخر.
وكان عامر اصطحب معه خيمة صغيرة ووصل بها إلى دوار مجلس الوزراء، مضيفًا أن قوة من أجهزة السلطة جاءت وأجبرته على المغادرة.
وذكر أن أمن السلطة طلب منه التوقيع على تعهد يقضي بعدم المكوث في منطقة دوار مجلس الوزراء، وإنهاء الإضراب.
لكنه رفض ذلك بشدة، وتوجه بخيمته الصغيرة إلى مخيم الأمعري في رام الله.
وكانت رئاسة السلطة أقرت قبل سنوات سلسلة إجراءات مالية وقانونية عقابية ضد أهالي غزة تحديدًا، شملت قطع رواتب أسرى في سجون الاحتلال ومحررين منها، وامتدت لاحقًا لتشمل أسرى ومحررين من الضفة الغربية.
ولا يعرف عامر السبب الحقيقي وراء قطع السلطة راتبه، وإدخاله في أزمات ومتاهات لم يعهدها من قبل، لكنه يدرك تمامًا أنه ليس الأول، ولن يكون الأخير الذي تطاله مقصلة قطع الرواتب.
وقال إنه لن ينهي إضرابه إلا بإعادة صرف راتبه.
وكان عامر قد تحرر من آخر اعتقال قبل 7 أشهر، بعد قضائه سنة كاملة معتقلاً إداريًّا.
تقارير كيدية
وتعد قرارات قطع رواتب الأسرى والمحررين من القضايا التي تلقى ردود فعل مناوئة على نطاق واسع فلسطينيًا، وسط تنديدات قانونية لهذه القرارات التي تخالف قوانين منظمة التحرير، والقانون الأساسي الفلسطيني.
وقال الصحفي علاء الريماوي: إن سياسة قطع الرواتب تثير الجدل حول السبب الذي يدفع أحدهم إلى أن يقرر بناء على تقرير كيدي قطع راتب إنسان أمضى سنوات عمره في السجون.
وأضاف الريماوي لصحيفة "فلسطين": إن قطع راتب الأسير يمثل محاكمة لحالة التضحية الوطنية التي يقدمها الشباب الفلسطيني، مشيرًا إلى أن أكثر من 114 أسيرًا محررًا تقطع السلطة رواتبهم.
اقرأ أيضاً: تقرير قنديل: استمرار قطع رواتب الأسرى عبث بنضالاتهم وإساءة لقضيتهم
وفسر استمرار هذه السياسة؛ بأن "فئة داخل السلطة تحاول أن تثأر من الناس في حياتهم ومعاشهم تحت عناوين مختلفة"، مطالبًا بضرورة إنهاء هذه السياسة واستئناف صرف الاستحقاقات المالية كلها للمحررين.
وعدَّ الريماوي وهو محرر، أن الهدف من هذه السياسة تكبيل المواطن وقهره بأيدٍ فلسطينية، بما يخالف قواعد القانون الأساسي الذي ينص على العدالة والمبادئ السامية لحقوق الإنسان، ويضمن عدم إهانة كرامته.
"لكن ما يحدث اليوم من قطع رواتب وغيره يمس مباشرة بكرامة المواطنين، ويمس حياتهم وحياة أبنائهم أيضًا" بحسب الريماوي.
وحول إذا ما كانت سياسة قطع الرواتب ممكن أن تؤدي إلى تنظيم فعاليات منددة، قال الريماوي: "إن السلطة عبر أجهزة أمنها قمعت في السنوات الماضية المواطنين، ونجحت في إيلامهم منعًا لتنظيم الفعاليات".
وكان قطاع غزة والضفة الغربية قد شهدا العديد من الفعاليات الميدانية المنددة بالإجراءات العقابية، التي ألحقت أضرارًا كبيرة بفئات واسعة.