في 2 نوفمبر، وبعد يوم واحد من انتخابات الكنيست، سارع بعض قادة العالم لتهنئة نتنياهو بفوزه، أحدهم رئيس أوكرانيا زيلينسكي، الذي أعرب عن أمله بفصل جديد في العلاقات الثنائية، وتوقع بإحراز تقدم بتوريد الأسلحة الإسرائيلية إلى بلاده، وبعد مضي سبعة أسابيع، هنّأه بوتين، وبغض النظر عن تأخره النسبي في التهنئة، لكن ذلك لا يبدو أنه سيؤثر في علاقتهما المتينة.
ليس سرّا أن (تل أبيب) في عهد نتنياهو ستكون متأثرة بشدة في الواقع الجغرافي الإستراتيجي الجديد الذي أعقب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، ما قد يصعّب عليها التوفيق بين الحاجة الإستراتيجية لتقليص قدرة موسكو على الإضرار باستمرار عدوانها المستمر على دمشق، وفي الوقت ذاته الرغبة بالوقوف بجانب كييف، امتثالًا لمطلب واشنطن الحاسم.
صحيح أن رئيسي الوزراء السابقَين بينيت ولابيد حاولا تقديم موقف متوازن، فانسحب الأول من المساعدة الأمنية لأوكرانيا، بل وضع نفسه وسيطًا محتملًا، لكنه فشل، في حين أعرب الأخير عن موقف أكثر حزمًا ضد روسيا، حتى جاء الدور الآن على نتنياهو، وعلى الرغم من العلاقة الوثيقة التي تربطه ببوتين، لكن التقديرات الإسرائيلية لا تبدو حاسمة أمرها باستمرار هذه العلاقات على خلفية الظروف الجيوسياسية الجديدة، بالرغم من الجهود البراغماتية التي قد يبذلانها لتقوية التفاهمات التي تخدم مصالحهما.
في الوقت ذاته، لا يخفى على (تل أبيب) أن الكرملين لديه أوراق عديدة في صندوقه الأسود، يمكن له عند الضرورة، استخدامها للضغط عليها في حالة انحرافها عن السياسة إيجابية، أو على الأقل المحايدة تجاه موسكو، ومن بين هذه الأوراق: نقل أنظمة الدفاع الجوي إلى سوريا، وغض الطرف عن النشاط الإيراني ضد الاحتلال، وتراكم الصعوبات في القضايا القنصلية بينهما، وتجميد القضايا الثنائية، والاتصالات السياسية، ومضايقة ممثلي المنظمات اليهودية العاملة في روسيا، والتهديد بإغلاق الوكالة اليهودية نهائيًا، فضلًا عن ملكية الكنيسة الأرثوذكسية الروسية في القدس المحتلة.
يبدو مهمًا ملاحظة أن موضوع الكنيسة يستخدمه بوتين ذراعًا مركزيًا لتنفيذ سياسته الخاصة وتحقيق أهدافه تجاه الاحتلال، مع أنه في فترتي بينيت ولابيد لم يكن هناك قرار بشأن هذه القضية، والآن بدأت "حبة البطاطا الساخنة" تعرف طريقها إلى فم نتنياهو، تزامنًا مع اتساع رقعة الضغط الروسي، عقب الإعلان عن مطالبتها بثلاثة عقارات على جبل الزيتون تنتقل لملكيتها.
الخلاصة أنه على خلفية الواقع الجيوسياسي الحالي، سيجد نتنياهو صعوبة في اتخاذ قرار من شأنه أن يفيد روسيا بهذه الطريقة الواضحة دون تلقي انتقادات شديدة من الولايات المتحدة، وفي هذه الحالة ربما عليه الاستعداد لضغوط محتملة منهما، رغبة بسحب (تل أبيب) باتجاه أي منهما.