فلسطين أون لاين

"زاماكان".. أن تتجول في فلسطين وأنت في بيتك

...
صورة تعبيرية
القدس المحتلة-غزة/ مريم الشوبكي:

عاش حمزة سراج سنوات طويلة من عمره مشتاقًا للعودة إلى مسقط رأسه مدينة القدس المحتلة، كان منبهرًا بجمال كل مكان تاريخي وتراثي فيها، وشعر بأنه قضى عمره محرومًا من هذه النعمة، لذا أراد تقريب المسافات على غيره من الفلسطينيين المغتربين، وجذبهم نحو زيارة فلسطين حيثما وُجِدوا.

أنشأ المهندس المعماري سراج (30 عامًا) بمعاونة أصدقائه منصة "زاماكان  Zamakan"، التي تقدم جولات افتراضية لكل المواقع التاريخية والأثرية في فلسطين، وتجعلك تعيش التجربة بتقنية 360 درجة وتتجول بين المرافق بنفسك افتراضيًّا.

وقد فازت المنصة في أكتوبر/ تشرين الثاني الماضي بجائزة أفضل عرض عن فئة المشاريع الناشئة، في مسابقة تحدي العرب لإنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي لعام 2022، في معرض "جايتكس" العالمي في دبي.

اقرأ أيضاً: تقرير "مشاعل الفن".. مواهب نسائية تقاوم سرقة الاحتلال للتراث الفلسطيني

يقول سراج لـ"فلسطين": "قضيت طفولتي كلها مغتربًا في السعودية، وعملت في مجال ترميم المباني القديمة، وقد عدت مؤخرًا للقدس حينها شعرت بأن المغتربين محرومون من جمال فلسطين، لذا فكرت بإنشاء هذه المنصة لتقريب المغتربين واللاجئين من وطنهم".

ويتابع: "في الغربة كانت أقصى معرفتي بالناس هي عائلتي فقط، وهذا خلق لدي أزمة هوية، ولكن حينما عدت لوطني عدت لكي أجد حلًّا لهذه الأزمة، واستيعاب حضارتي التي لم أكن أعرف عنها شيئًا".

ويضيف سراج: "الأمر الذي ساعدني على إطلاق المشروع هو تراكم الخبرة لدي في جانب تصوير المباني القديمة في الخليج بغرض التوثيق، واستثمرتها في تصوير الأماكن التاريخية في وطني، والأولى بي خدمته".

ويبين أنه يساعد زملاءه على تصوير الأماكن السياحية والتاريخية، والأثرية في فلسطين، بتقنية 360 درجة، وتُدمج لخلق جولة افتراضية يقوم بها الشخص من بيته.

وتمكن سراج من تصوير أكثر من 15 موقعًا أثريًّا وتاريخيًّا في فلسطين التاريخية، ويعكف حاليًّا على تصوير المزيد من الموقع.

ويوضح أن فكرة المنصة راودته منذ خمس سنوات، ولكن منذ عامين فقط تمكن من إطلاقها بعد توفيره الميزانية المطلوبة للعمل.

ويلفت سراج إلى أنه واجه صعوبة كبيرة في توفير التمويل اللازم للمشروع، لذا اضطر إلى إنشاء أستوديو تصوير ومونتاج مع أصدقائه، ومن أرباحه عملوا على تمويل المشروع.

اقرأ أيضاً: البيطار الكفيف استبصر مواهبه ليحصد بطولة عالمية

ويتابع: "لم نجد ممولًا حتى اليوم لمشروعنا، على الرغم من أن بعض الممولين عرضوا علينا أن نخصص المنصة لتكون عالمية والانتقال لتصوير أماكن حول العالم، ولكني رفضت لأن حلمي هو جعلها منصة خالصة لكل فلسطين في البداية، ومن ثم الانتقال فيما بعد لدول العالم".

ومن المعوقات التي لا يزال يواجهها، يذكر سراج أنه منذ عامين يحاول الحصول على تصاريح للتصوير في المسجد الأقصى وفي عدة أماكن أخرى في البلدة القديمة، غير أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي لم تسمح له بذلك.

وفي مقابل تلك المعوقات، يقول إن تجربة المنصة أضافت له الكثير من الخبرات، كالخبرة في ريادة الأعمال، وبناء مشروع من الصفر، وتعلم البرمجة، والتصميم، والإخراج أيضًا.

ويسعى سراج إلى أن تصل منصة "زمكان" إلى كل المدارس في فلسطين ليتعرف الطلبة إلى الأماكن التي ليس بمقدورهم الوصول إليها، إضافة إلى توصيلها إلى مخيمات اللجوء والشتات في سوريا، ولبنان، إذ يوفر معدات لناس هناك لكي يتمكنوا من القيام بجولات افتراضية لكي يزوروا الأماكن التي سمعوا عنها ولم يروها عن بلدهم التي هجر منها آبائهم، وأجدادهم قسرًا.

ويلفت سراج إلى أنه أطلق حملة "ذكريات من فلسطين" لجمع المال من أجل تمويل منصته، وتوفير معدات لتوزيعها على مخيمات الشتات واللجوء.

ويطمح إلى تحويل منصة "زمكان" لمنصة افتراضية عالمية من خلال الانتقال لتصوير أماكن حول العالم بعد الانتهاء من فلسطين.

ويشدد على الدور المهم للمنصات الافتراضية في ربط المغتربين واللاجئين بوطنهم، الذين حينما هجروا عام 1948م كانوا 800 ألف نسمة، واليوم وصل عدد الفلسطينيين في أنحاء العالم 6 ملايين لاجئ، 90% منهم ليس لديهم ذكريات عن فلسطين، والنسبة المتبقية كونوا ذكريات عاشها آباؤهم، وأجدادهم.

وفي طريق تحقيقه حلمه بتحويل منصة "زمكان" إلى تطبيق على الهواتف الذكية، يدعو سراج الجميع إلى مساعدته ودعمه سواء بالخبرات، أو بالمال، من أجل تمكينه لتحقيق أهدافه في سبيل خدمة وطنه فلسطين.