فلسطين أون لاين

​تتبع الجيش ويعمل على زيادة موظفيها

إدارة الاحتلال "المدنية" أداة ابتزاز لكسر إرادة الفلسطينيين

...
يوآف مردخاي (أرشيف)
الخليل - خاص "فلسطين"

تبدو واضحة جهود الاحتلال عبر ما يسمّى "الإدارة المدنية" الإسرائيلية للتواصل مع الفلسطينيين، بطرق مباشرة، بشكل يظهر التّجاوز الجاري للسلطة الفلسطينية ودورها ومؤسساتها التي تهتم بالتواصل مع الاحتلال عبر وزارة الشّؤون المدنية.

ويعرب كثيرون عن تخوّفهم من جهود إسرائيلية حقيقية لتغيير واقع الضّفة الغربية باستحداث دوائر بديلة عن السلطة، بعد الكشف عن معلومات بأن جيش الاحتلال يعمل على رفع أعداد موظفي الإدارة التي تكرس نفسها لخدمة المستوطنين بشكل أساسي والفلسطينيين في أطر أمنية بما يخدم المستفيد الأول.

ويعكف الاحتلال منذ أشهر على تحويل "الإدارة المدنية" التابعة للجيش إلى جهاز مدني أكثر منه وحدة عسكرية، بزيادة أعداد موظفيها، وفقاً لمعطيات كشفها موقع "أن آر جي" الإسرائيلي.

وهذا التوجه _وفقاً لما ذكر الموقع_ يسير وفق خطة أعدها الجنرالان أحيفات بن حور رئيس "الإدارة المدنية" بالضفة الغربية المحتلة، ويوآف مردخاي منسق أعمال حكومة الاحتلال بالأراضي الفلسطينية، وستطرح الخطة على المدير العام لوزارة الجيش الجنرال أودي آدم، وسبق أن عرضت على وزير جيش الاحتلال أفيغدور ليبرمان ونائبه الحاخام إيلي بن دهان، لكن إقرارها يتطلب موافقة حكومة الاحتلال ورصد ميزانية لتنفيذها.

ومن بين وسائل التواصل المباشرة تلك البيانات التي ألصقها الاحتلال في شوارع رئيسة وأحياء بمدينة الخليل، خصّها بالدعوة للقدوم إلى مقرّ الارتباط العسكري في مدينة الخليل، لما سوّقه بمنح سكّان الأحياء المستهدفة "تسهيلات" بإزالة المنع الأمني عنهم، مقابل الاستمرار في الحفاظ على "الهدوء" في هذه الأحياء، وعدم تنفيذ أيّة عمليات ضدّ الاحتلال.

أهداف أمنية

ويكشف منسق تجمع "المدافعون عن حقوق الإنسان" عماد أبو شمسية لصحيفة "فلسطين" عن محاولات الاحتلال الواضحة للوصول إلى الفلسطيني والتعامل معه، لأهداف أمنية لدى الاحتلال، أبرزها إسقاط أكبر عدد في أوحاله وجعلهم عملاء للاحتلال، فضلًا عن محاولاته المتواصلة لشقّ الفلسطينيين والمسّ بحياتهم.

ويبين أن الاحتلال يرمي من هذه الإجراءات إلى تأكيد حضوره في تفاصيل الحياة الفلسطينية كافّة، ومساومة المواطنين في أرزاقهم، بادعاء منحهم التصاريح للعمل والدخول إلى الأراضي المحتلة عام (48)، ليدفعهم إلى التصدّي لمن يقاومون الاحتلال في هذه الأحياء، محاولًا تغيير رؤاهم إزاء العمل المقاوم على أنّه يضرّ بهم وبمصالحهم.

ويشدّد أبو شمسية على أنّ هذه الإجراءات لا تحصد أهدافها المرصودة، نظرًا لحالة الوعي في الشارع الفلسطيني، مع المحاولات الاحتلالية الواضحة لاستغلال الحاجة المادية لكثير من العائلات الفلسطينية غير الحاصل أبناؤها على فرص عمل، في ظلّ الحالة الاقتصادية الصعبة في الشارع الفلسطيني.

ويؤكد ضرورة مجابهة هذه السياسة الاحتلالية، بالرفض الشعبي أولًا، والرّفض الرّسمي الفلسطيني، بالقرارات التي تستهدف تجريم التعامل مع الاحتلال.

تكريس السيطرة الإسرائيلية

أمّا النّاشط الحقوقي فريد الأطرش فيبين في حديثه لـ"فلسطين" أنّ الاحتلال يحاول بهذه الإجراءات تكريس الاحتلال للأرض الفلسطينية من جانب، دون أيّ اكتراث بالأعراف ولا المواثيق الدّولية ولا الإنسانية، إضافة إلى التناقض التّام مع كلّ الاتفاقيات المبرمة مع السلطة الفلسطينية.

ويضيف: "الاحتلال يخالف بهذه الإجراءات القانوني الدّولي الإنساني واتفاقيات حقوق الإنسان"، مشدّدًا على أنّ ممارسات الاحتلال الراهنة على الأرض تعدّ نسفًا لكلّ الاتفاقيات الموقّعة بينه وبين السلطة الفلسطينية.

ويبين الأطرش أنّ الفلسطينيين يناضلون من أجل زوال الاحتلال عن الأرض، وأن ما يبذله الاحتلال من جهود يحاول بها أن يظهر بأنّه يقدّم الخدمة والخير لهم.

أمّا منسق تجمع شباب ضدّ الاستيطان عيسى عمرو فيبين لـ"فلسطين" أنّ نحو (300) مواطن توجّهوا من مدينة الخليل محاولين الحصول على تصاريح عمل لإعالة أبنائهم، ولم يستجيبوا للدعوات التي أطلقها النّشطاء بعدم الاستجابة لهذه الدعوات، ومقاطعة الإدارة المدنية الإسرائيلية، مشيرًا إلى أنّهم انتظروا ثماني ساعات، وكانت معظم الطلبات مرفوضة.

ويؤكد أنّ الحديث عن إزالة المنع الأمني دون مقابل غير صحيح، عادًّا مقاطعة الإدارة المدنية الإسرائيلية واجبًا وطنيًّا، مطالبًا في الوقت نفسه بقانون ينظّم العلاقة مع الاحتلال ويحمي الشّباب من الأخطار المحيطة بهم من أساليبه.

وأنشئت "الإدارة المدنية الإسرائيلية" وحدةً تتبع إدارة جيش الاحتلال، قبل توقيع اتفاق أوسلو عام 1993م، وعمل في دوائرها ومؤسساتها 450 موظفًا، وبعدها انخفض العدد إلى مئتي موظف فقط، بسبب تزايد التقديرات بانسحاب الاحتلال من الضفة، واليوم تقضي هذه الخطة برفع العدد مجددًا إلى أربعمئة موظف لخدمة ما يقارب 450 ألف مستوطن، حيث تضاعف عددهم أربع مرات منذ اتفاق أوسلو.