في العالم الافتراضي تحتفل منظمة التحرير الفلسطينية بيوم استقلال فلسطين وأغلقت المؤسسات الحكومية أبوابها احتفالا بهذا اليوم "العظيم"، وفي العالم الواقعي تم حصار بعض القرى الفلسطينية شمال الضفة الغربية بسبب عملية نفذها فلسطيني من منطقة سلفيت استشهد على إثرها بعدما قتل ثلاثة إسرائيليين وجرح آخرون، وفي العالم الواقعي أيضًا قال رئيس حكومة دولة الاحتلال يائير لبيد: "استيقظ جمهور (إسرائيل) اليوم على صباح صعب ومؤلّم، إذ قام فلسطيني بتنفيذ عملية صعبة في أرئيل".
الاستقلال يعني عدم وجود احتلال، لا نريد أن نقول من البحر إلى النهر ولكن كمرحلة أولى في المناطق الفلسطينية التي احتلت عام 1967، وحتى يكون لدينا دولة مستقلة وذات سيادة على جزء من أرض الوطن يجب ألا يوجد فيها مستوطنات ومستوطنون وجنود احتلال ومعسكرات إسرائيلية، وإلا كيف نحتفل بالاستقلال في مناطق لا حرية لتنقلنا بين أجزائها الصغيرة والمتناثرة، وكيف ستحتفل عائلة الأسير يونس هيلان من قرية حجة شمال الضفة بعدما أخذ جيش الاحتلال مقاسات بيتها تمهيدًا لهدمه بذريعة أن الأسير قتل إسرائيليًّا قبل شهر؟
مشكلة أن تعيش قيادة منظمة التحرير في عالم افتراضي لا علاقة له بالواقع والمشكلة الأكبر أن تحاول إقناع الشعب الفلسطيني بأنها على حق، الشعب الفلسطيني في الذكرى الـ33 لإعلان الاستقلال شعر بالفرح ليس بسبب "الاستقلال" وإنما بسبب عمل مقاوم تسبب بالألم الشديد لدولة الاحتلال وقادته الذين يذيقون الشعب الفلسطيني الويلات في كل يوم وكل لحظة، وظهرت السعادة في الشارع الفلسطيني لأن العملية أثبتت أن المقاومة مستمرة وأن الضفة مليئة بالأسود المنفردة حتى لو تم إلحاق أذى بعرين الأسود في مدينة نابلس، الشعب الفلسطيني وغالبية فصائله شعروا بالسعادة لأنه شعب مقاوم وواقعي ويريد من العدو أن يعترف بوجوده وبحقوقه وأن يكف عن العبث بأرواح الفلسطينيين ومقدساتهم وأرضهم وممتلكاتهم وأن يكف عن العبث بأمنهم واستقرارهم.
نحن نفتخر بفلسطينيتنا وبعروبتنا ونفتخر أكثر بإسلامنا وعقيدتنا، ونتمنى من أعماقنا أن تكون لنا دولة مستقلة ذات سيادة من البحر إلى النهر، ويقبل غالبية الشعب الفلسطيني بحل مرحلي يضمن قيام دولة فلسطينية على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، حدود كالتي نصت عليها اتفاقية أوسلو أو المبادرة العربية للسلام ولكن بشرط أساسي وهو عدم الاعتراف بشرعية الاحتلال على ما تبقى من فلسطين، أي أن صفد مثل نابلس ويافا مثل الخليل وليس هناك قدس شرقية وقدس غربية بل هي قدس واحدة موحدة لا يجوز التنازل عن شبر واحد فيها للعدو الإسرائيلي كما لا يجوز التنازل عن أي شبر من فلسطين، إنما هي حلول مرحلية يمكن أن نصفها بالمشروع الوطني ويمكن لمنظمة التحرير الفلسطينية اعتمادها كأساس للمصالحة الداخلية والمضي قدمًا لإقامة الدولة الفلسطينية.