فلسطين أون لاين

​رائد صلاح.. رجلٌ تخشاه (إسرائيل)

...
رائد صلاح أثناء اعتقاله (أ ف ب)
الناصرة / غزة - نبيل سنونو

عام 1958م، وتحديدا في مدينة أم الفحم شمال فلسطين المحتلة، كانت ولادة طفلٍ فلسطيني، ليس لديه ما يقوله لـ(إسرائيل)، سوى: "لا".

كان ذلك بعد عقد على النكبة الفلسطينية، التي تسببت بها العصابات الصهيونية سنة 1948م.

ولا غرابة، أن هذا الطفل الذي كبر وصار رجلاً فلسطينيا، له من اسمه نصيب؛ فهو "رائد" في الدفاع عن المسجد الأقصى، وداعٍ إلى "صلاح" حال الأمة.

ويعتبر الشيخ رائد صلاح، من مؤسسي الحركة الإسلامية الأوائل داخل فلسطين المحتلة سنة 1948م، بداية السبعينيات، وأحد رموزها إلى حين انشقاقها نهاية التسعينيات نتيجة لقرار بعض قادتها خوض انتخابات "الكنيست" الإسرائيلي سنة 1996، ومقاطعة آخرين.

ولعل محطات نشأة الشيخ صلاح، تركت أثرا في إنجازاته؛ فقد تلقى مراحل تعليمه الأولى في مدينته أم الفحم، ثم انتقل إلى مدينة الخليل حيث أنهى تعليمه الجامعي في كلية الشريعة.

عام 1989م، كانت بداية محطة انتقالية في المسار السياسي للشيخ صلاح، الذي خاض انتخابات رئاسة بلدية أم الفحم عن الحركة الإسلامية، ونجح في تلك الانتخابات بنسبة تفوق 70%.

وبموجب تلك الانتخابات، صار رئيسا للبلدية في سن 31 عاما، ثم خاض الانتخابات للمرة الثانية عام 1993، ونجح بنسبة تزيد على 70% كذلك، وللمرة الثالثة عام 1997 ونجح بأكثر من 70%، ثم قدم استقالته عام 2001 ليتيح المجال لغيره في الحركة الإسلامية.

وعقب انتخابه عام 1996 رئيسا للحركة الإسلامية، أعيد انتخابه عام 2001، كما أنه تقلد رئاسة مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية حتى عام 2002، وكذلك رئاسة مؤسسة الإغاثة الإنسانية.

وللشيخ صلاح موقف ثابت في رفض التدخل الإسرائيلي في الشؤون الدينية للمسلمين والمسيحيين، تجسد عندما أثيرت مسألة قرار اتخذته ما تسمى "لجنة القانون والدستور" في "الكنيست" سنة 2001، بتعديل قانون الأحوال الشخصية.

إنه قرار "تعسفي وظالم"؛ هذا كان وصف الشيخ صلاح لقرار حكومة الاحتلال حظر الحركة الإسلامية في الداخل المحتل في 2015م، مؤكدا في بيان آنذاك أن حركته "قائمة ودائمة برسالتها، تنتصر لكل الثوابت التي قامت لأجلها، وفي مقدمتها القدس والأقصى المباركان".

وجاء هذا "الحظر"، بعد سنوات من قرار وزارة الداخلية في حكومة الاحتلال الإسرائيلي سنة 2002م، إغلاق جريدة "صوت الحق والحرية" الناطقة باسم الحركة الإسلامية مدة سنتين، بناء على طلب جهاز الأمن العام الشاباك بالتنسيق مع رئيس حكومة الاحتلال.

وعقب قرار حظر الحركة الإسلامية في الداخل، استدعت أجهزة أمن الاحتلال الشيخ صلاح ونائبه الشيخ كمال الخطيب ومسؤول ملف القدس والأقصى بالحركة سليمان أحمد للتحقيق معهم في مبنى شرطة الاحتلال في مدينة حيفا.

لكن هذه لم تكن المرة الأولى ولا الأخيرة التي يستدعي فيها الاحتلال الشيخ صلاح أو يعتقله، أو يبعده عن المسجد الأقصى.

محاولات الاغتيال

سنة 1981م، اعتقل الاحتلال الشيخ صلاح بتهمة الارتباط "بمنظمة محظورة" وهي "أسرة الجهاد"، وبعد خروجه وضع تحت الإقامة الجبرية.

ومنعته سلطات الاحتلال الإسرائيلي في 2002م من السفر خارج فلسطين المحتلة، ورفضت ما تسمى "محكمة العدل العليا" طلب الالتماس الذي تقدم به ضد هذا المنع.

وكان ذلك بعدما تعرض الشيخ صلاح لمحاولة اغتيال سنة 2002م، وأصيب بطلق ناري في رأسه أطلقته قوات الاحتلال.

كما اعتقل الاحتلال الشيخ صلاح في 2003م، بتهم منها ما سُمي "تبييض أموال لحساب" حركة المقاومة الإسلامية حماس، وقد تم الإفراج عنه بعد سنتين.

لكن قوات الاحتلال أعادت اعتقاله في 2007م، خلال مشاركته في خيمة اعتصام احتجاجية على الاعتداءات والحفريات على طريق باب المغاربة في القدس.

ولم يكتف الشيخ صلاح بنصرة الأقصى والفلسطينيين في الداخل المحتل فحسب، بل إنه سعى لكسر الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة من خلال المشاركة في أسطول الحرية المتجه إلى القطاع في مايو/أيار 2010، وتعرض أثناء ذلك لمحاولة اغتيال عندما هاجم جيش الاحتلال الأسطول.

وكانت إحدى محاكم الاحتلال قد حكمت عليه في نفس السنة، بالسجن تسعة أشهر.

وتعرض الشيخ صلاح أمس، للاعتقال مجددا، في محطة أخرى من محطات ملاحقة هذا الرجل الذي تخشى (إسرائيل) حتى من كلماته.