كثيراً ما تأتي الحوامل للعيادة للمتابعة وكنت أسأل وأتبين عن مدى معرفة الحوامل بآلية حدوث الحمل واكتشفت أن هناك معلومات ناقصة لدى الكثير منهن سأوضحها في هذا المقال.
قدرة الخالق العظيم: حين قدّر الله للإنسان أن يُخلق وحباه القدرة على الحياة فقد أسبغ عز وجل قدرته في الخلق؛ إنها عملية قد تبدو للوهلة الأولى أنها بسيطة في ذاتها إلا أنها أكبر من هذا وبنظرة فاحصة وعميقة نجد أنها عملية معقدة كل التعقيد تحدى بها الله البشر حين أطلعهم على كيفية حدوث الحمل ومكوناته لكنه تحداهم في نفس الوقت أن يخلقوا مثله.
بداية الخليقة
إن بداية الخليقة للإنسان تتكون من خلية واحدة أنثوية وخلية أخرى ذكرية؛ ففي الخلية الأنثوية وهي البويضة والتي تكون المستقر الأخير والهدف الأسمى لتلك الخلية الوحيدة الذكرية وهي الحيوان المنوي الذي يتكون من رأس وعنق وذيل وتتحد نواة البويضة التي تحتوي على 22 كروموسوم بالإضافة إلى الكروموسوم الجنسي "اكس" مع نواة الحيوان المنوي الذي يحتوي على نفس العدد من الكروموسومات؛ بالإضافة إلى الكروموسوم الجنسي والذي يكون إما X أو Y.
وبذلك تتكون خلية جديدة تسمى الزيجوت تحتوي على 22 زوجاً من الكروموسومات؛ بالإضافة إلى زوج من الكروموسومات الجنسية التي قد تكون XX لتكوين جنين أنثوي، أو XY لتكوين جنين ذكري، وهذه الكروموسومات تحمل جينات والتي تحدد الصفات الوراثية وبذلك يحمل الجنين الجديد صفات وراثية من الأم وكذلك الأب.
مسيرة الحياة
الحيوانات المنوية تفرز فيما يعرف بالسائل المنوي الذي يحتوي على الحيوانات المنوية والسائل حولها يحتوي على ما يحتاجه هذا الحيوان المنوي من غذاء خلال رحلته الطويلة داخل رحم المرأة حتى يصل إلى قناة فالوب حتى يتم التلقيح؛ وهذا السائل هو سائل هلامي المظهر تتراوح كميته من (3 سم إلى 5 سم) أي ما يملأ ملعقة صغيرة تحتوي على أكثر من (60-120 مليون حيوان منوي) وحيوان فقط من هذا العدد الهائل هو الذي لديه القدرة على تلقيح البويضة الأنثوية بعد أن يتساقط الحيوان تلو الآخر خلال المسيرة داخل مهبل ورحم المرأة؛ حتى يتم التلقيح وكل من هذه الحيوانات المنوية له وظيفة في أن يذيب السائل المخاطي الموجود داخل رحم المرأة.
ويأتي الذي يليه ليذيب جزءًا آخر وهكذا حتى يفتح الطريق بالكامل إلى قناة المبيض؛ وهذه العملية عند بداية رحلة الحياة وعلى امتداد هذا الطريق يصل ذلك الحيوان المنوي المحظوظ ليقوم بآخر هذه العمليات المتفانية في الوصول إلى أسمى غاية في حياة الحيوانات المنوية ألا وهي تلقيح البويضة المعظمة التي يتسابق الجميع في سبيل الوصول إليها.
ومن المعروف أن هذه المرحلة تتسم بصورة عشوائية حيث أن الحيوانات المنوية على الرغم من أنها تعرف الطريق إلا أنها تسير في خط متعرج لكنه يجتاز قناة المبيض المنشودة بسرعات متفاوتة وهي حوالي 2-3 سم/ 10 دقائق وهذه العملية تعتمد أساساً على مدى كفاءة هذا الحيوان المنوي وهي تختلف من واحد لآخر وإذا ما قرنا الأهمية الكبيرة التي يقوم بها الحيوان المنوي وما يتحلى فيها من عظمة إلا أنه ضعيف لدرجة أن ذرة من الغبار قد تعوق هذا الحيوان المنوي عن المسير وتوقفه للحظة، إلا أنه يعاود الحركة من جديد في اتجاه آخر وبالنظر تحت مجهر الميكروسكوب تستطيع أن تعرف أن النقطة الواحدة من السائل المنوي تكون أشبه بمجتمع تدب فيه الحياة ذهاباً وإياباً ونشاطاً غير عادي لهذه الحيوانات المنوية المعلقة في مستحلب أكثر تناسقاً؛ وهذا السائل تفرزه غدة معروفة في الجهاز التناسلي وهي غدة البروستاتا والحويصلة المنوية، وأهميتها أنها تساعد الحيوان المنوي على أن يحتفظ بقدرته على الاخصاب ما يقارب من 36 ساعة داخل الجهاز التناسلي الأنثوي.
من آيات الله
أي قدرة عجيبة هذه التي تجعل لهذا الحيوان المنوي الضعيف هذه القدرة العجيبة؟ ألا أنها من آيات قدرة الله سبحاته وتعالى.
بنظرة بديهية نجد أنه كي يحدث الاخصاب لا بد من أن يكون خلال 36 ساعة الأولى والتي تعقب الجماع ونجد أن الفحص المجهري المكبر يدلنا على أن الحيوان المنوي يتكون من رأس قطرها حوالي 6:3 ميكرون (الميكرون 1/1000 من المليمتر) وهي تحتوي على النواة وعنق قصير جداً يتصل به ذيل أطول من الرأس حوالي عشر مرات تقريباً؛ ومهمة هذا الذنب هي الدفة أو المروحة التي تتحرك يميناً ويساراً وتدفع هذا الحيوان المنوي إلى الأمام وتتم هذه الحركة خلال التمفصل مع ذلك العنق الصغير وألا يصبح هذا العنق عديم الفائدة وهذا الذيل يكون جامداً لا فائدة أيضاً منه وبالانتقال إلى البويضة الأنثوية نجد أنها أكبر خلية في جسم البشر فقط ما يتراوح بين 80:1 إلى 90:1 من السنتمتر؛ وهي صغيرة جداً إذا قورنت بحجم جسم الإنسان والتي كانت هي سبب وجوده وهي عبارة عن كتلة مصمتة ذات غلاف متين وليس صلباً يمكن إذابته بمادة كيميائية تفرزها الحيوانات المنوية ويمكن من خلالها حدوث الاخصاب المرجو منذ بداية هذه العملية وللأنثى مصنع يقوم بهذه العملية، عملية صنع البويضة وهذا المصنع يعرف بالمبيض والذي يوجد منفصلاً عن رحم الأنثى لكنه متصل بالرحم عن طريق قناة المبيض (فالوب) وطول الواحدة منها حوالي 10 سم.