أكد محللان سياسيان مختصان بالشأن الفلسطيني على ضرورة إنجاز ملف المصالحة المجتمعية، معتبرين أن لهذا الملف أهمية أولوية في الحالة الفلسطينية من المصالحة السياسية التي استنزفت كل هذه السنوات دون التوصل لأي اتفاق.
ورأى المحللان في حديث منفصلين مع "فلسطين"، أن مسؤولية إنجاز هذا الملف تقع على عاتق الكل الفلسطيني من مؤسسات مجتمع مدني وأحزاب سياسية ومؤسسات رسمية ولجان عشائرية، ناهيك عن دور المساجد ولجان الإصلاح وغيرها.
أساس الحل
بدوره، يرى الكاتب والمحلل السياسي عماد محسن، أن المصالحة المجتمعية هي أساس تقوم عليه المصالحة السياسية، مبرراً قوله أن المجتمع ككيان سياسي نشأ قبل الدولة ومن هنا تأتي الأولوية والأهمية.
وقال في حديث لصحيفة "فلسطين": "إن المجتمع الفلسطيني تهتك نسيجه على مدار السنوات الماضية – سنوات الانقسام- التي فشتها وسائل الاعلام الحزبي والثقافة المجتمعية بكل أشكالها جعلت من المصالحة المجتمعية أولوية".
وتابع: "إن المصالحة المجتمعية أكثر سهولة وأيسر من المصالحة السياسية، وهذا ما نمت عنه عشرة سنوات من الانقسام وجلسات المصالحة هنا وهناك، دون أن تفلح الأحزاب السياسية الفلسطينية بالانتقال إلى مسار المصالحة المجتمعية الشاملة".
واستطرد: "وفي مقابل ذلك وارد عند المصالحة الاجتماعية في حال اتخاذ الإجراءات المناسبة من قبل الأحزاب والنواب ومؤسسات المجتمع المدني وحقوق الإنسان والوجهاء وغيرها من القنوات، أن تساهم في طي ملف المصالحة المجتمعية وإنهاء هذه الصفحة السوداء من حياة وتاريخ شعبنا".
وفي معرض رده على سؤال "فلسطين"، ما المطلوب فلسطينياً لإنجاح ملف المصالحة المجتمعية؟ أجاب: "نحن بحاجة إلى تعزيز ثقافة التسامح الفلسطيني"، مشيراً إلى أن ألمانيا النازية التي أودت بحياة 250 مليون إنسان لو توقفت عند تلك المرحلة لما أصبحت اليوم هي قائدة الاتحاد الأوروبي.
وأردف: "نحتاج إلى تعبئة وطنية شاملة من كل الأطراف، لكل طبقات المجتمع وفئاته، لتعزيز ثقافة أن الفلسطيني هو أولوية في حياة الفلسطيني الآخر، وأن التنافس بينهما لا ينبغي أن يجاوز في حدوده حدود التناقض مع الاحتلال".
وشدد على أن التنافس بين الأحزاب الفلسطينية "لا ينبغي له أن يقود إلى انقسام حاد بين طبقات المجتمع"، لافتاً إلى أهمية التعاون بين المراكز الثقافية والتعليمية والعشائر والمساجد والقوى الوطنية والمؤسسات المدنية لنقل الحالة الفلسطينية من حالة التنافس اللامشروع إلى حالة التنافس المشروع.
محطة أولى
وفي سياق متصل، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس- أبو ديس كمال علاونة، أن المصالحة المجتمعية أولى بالإنجاز من المصالحة السياسية على اعتبارها نقطة البداية والمحطة الأولى في سبيل انجاز المصالحة السياسية.
وقال علاونة في حديث لصحيفة "فلسطين": "لا يمكن إنجاز مصالحة سياسية دون التوصل إلى مصالحة مجتمعية مرضية لجميع الأطراف"، شارحاً أن المقصود بالمصالحة المجتمعية هو دفع تعويضات للذين تضرروا من جراء أحداث الانقسام الفلسطيني في شهر تموز 2007، سواء جرحى أو شهداء أو مباني.
وبين أن الحالة الفلسطينية مهتمة بإنجاز ملف المصالحة المجتمعية وأن هذا الاهتمام تترجمه اللقاءات العديدة التي جرت بين حركتي حماس وفتح سواء في الدوحة أو الرياض أو القاهرة، والتي لم يخل أي اجتماع خلالها من الحديث فيها".
وأشار إلى أن الفلسطينيين وبدعم عربي استطاعوا أن يرصدوا ملايين الدولارات لتسخيرها في سبيل تعويض العائلات المنكوبة جراء أحداث 2007، منوهاً إلى أن انجاز هذا الملف سيكون مدخلاً لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية وللمجلس الوطني الفلسطيني، إضافة إلى عقد المجلس الوطني بحضور حركتي حماس والجهاد الإسلامي.
وشدد على أن المصالحة المجتمعية تمثل ضرورة حتمية من أجل النهوض بالمجتمع الفلسطيني، ومواجهة التحديات المصيرية وعلى رأسها مواجهة الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة، وكذلك مواجهة حصار غزة.
وقال: "يجب تحريم سفك الدم الفلسطيني، وإعادة بناء وترتيب البيت الداخلي الفلسطيني على أسس التكامل والتعاون والمحبة، والعدو المشترك، والمصلحة الوطنية المشتركة"، منوهاً إلى أن الفلسطينيين إذا ما وصلوا إلى هذه الحالة فسيستطيعون مواجهة التحديات السياسية الخارجية.