لم أجد تعبيرًا أجمل، ولا أكثر دلالة من تعبير «الذئاب الفلسطينية تطارد الضباع الصهيونية» عنوانًا لهذا المقال، وهو تعبير مثالي يختصر المشهد الفلسطيني.. ويجسد المقاومة البطولية، التي فجرها شعب الجبارين من جديد، تحت أقدام الغزاة الصهاينة، وها هي يشتد أوارها، وعنفوانها وتشمل كل أرضنا المحتلة من البحر وحتى النهر، ومن رفح وحتى الناقورة، وتعصف بجنود العدو والمستوطنين!
المقاومة الذكية.. وهو ما أطلقه عليها الخبير العسكري الفلسطيني اللواء المتقاعد واصف عريقات.
فلقد استطاعت مجموعات قليلة من الفدائيين الأبطال، تنفيذ عمليات جريئة، وخاصة في عمق الأرض المحتلة، وتكبيد العدو خسائر باهظة، وضربه في عدة أماكن في آن واحد، مما سبب له الإرباك، وشل حركته، وأفقده القدرة على المبادرة أو بالأحرى على المناورة!
ويؤكد ما أشرنا إليه حالة الهيجان التي تعم صفوفه، وحالة الصراخ العالي التي غلبت على تصريحات جنرالاته، وقيامه بمحاصرة مساحات جغرافية كبيرة من الأرض الفلسطينية، إلى جانب استغلال ما يسمى الأعياد لفرض الإغلاق على كل الضفة الغربية. ليتسنى له التنكيل بالمواطنين الفلسطينيين واعتقال أعداد كبيرة منهم.. لكسر الأمواج المتدحرجة -كما يدعي.
ومن ناحية أخرى، فلقد أثبتت المقاومة المسلحة، التي انطلقت من جنين القسام ومخيمها الباسل.. المقاتل.. وانتشرت انتشار النار في الهشيم في كل أرجاء الأرض المحتلة، بأن شعبنا يعشق المقاومة، ويتمنى الاستشهاد.
ويسجل في هذا الصدد أن شعب الجبارين.. وثواره البواسل استفادوا من تجربة المقاومة الطويلة، وبخاصة الاعتماد على النفس في هذه المرحلة، وتنفيذ الذئاب المنفردة عمليات في العمق الإستراتيجي للعدو في تل أبيب والخضيرة وبئر السبع.. إلخ، وعدم الركون مطلقًا إلى الفصائل والتنظيمات التي شاخت وترهلت، وقام العدو باختراق بعضها.
وفي هذا الصدد يجب التحذير من الطابور الخامس.. فهو النبت الشيطاني «لأوسلو».. ولنهج المفرطين الذين يشككون بجدوى انطلاقة المقاومة من جديد، وإشعال الانتفاضة الثالثة.
فهؤلاء هم طليعة من فقدوا الإحساس بالكرامة، وتحولوا إلى مجرد قطيع من المنتفعين «بأوسلو»، وثمارها المرة، وأصحاب شركات ورجال بزنس، امتد أخطبوطهم إلى العديد من دول الجوار… وهم أيضًا من أفشلوا كل جهود المصالحة، وبرعوا في التنسيق المذل مع العدو، والتجسس على بني قومهم، وتفوقوا على أبي رغال والعلقمي وكل الساقطين الذين رهنوا أنفسهم لخدمة بساطير العدو!
وكلمة أخيرة قبل أن نختم هذا المقال نتوجه بها إلى شعبنا العظيم.. شعب الجبارين.. بأن هذه المعركة التي فجرها شباب المقاومة.. الشباب الثائر.. هي المعركة الأخيرة مع العدو.. وهي المعركة التي لا تقبل ولا تحتمل الحياد.. فهي معركة حياة أو موت.. فهيا يا شعبنا المقدام إلى الجهاد.. إلى المقاومة.. فالعدو يترنح.. وما عاد بقادر على البقاء في أرضنا.
أشعلوها -بارك الله فيكم جميعًا- حرب تحرير شعواء.. لا تهدأ.. حربًا متواصلة.. مستمرة من رفح إلى الناقورة.. تغطي كل جغرافيا فلسطين، المدن والقرى والمخيمات، السهل والجبل.. الأغوار.. والمسافر.. البحر والجو، وتلاحق العدو أينما وجد.
هاجموا كل المستعمرات، حاصروا المستوطنين اقطعوا الطرق، وارصدوا كل تحركاتهم في السهل والجبل.. وانقضوا عليهم انقضاض الأسود على قطيع من الأغنام، فأما نحن وأما هم.. وحتمًا نحن الباقون.. لأننا أصحاب الأرض.. وهم الزائلون كما زال الصليبيون.
المجد للذئاب الفلسطينية المنفردة التي تكتب تاريخ فلسطين والعرب من جديد.