فلسطين أون لاين

​استبعدوا اندلاع حرب جديدة نتيجة بنائه

خبراء: جدار غزة يعكس عجزًا إسرائيليًا.. وعقول "القسام" ستتجاوزه

...
معدات ثقيلة تعمل على بناء الجدار على حدود قطاع غزة مع الأراضي المحتلة (أ ف ب)
غزة - يحيى اليعقوبي

لا شك أن مساعي جيش الاحتلال لبناء جدار أرضي على الحدود الشرقية والشمالية لقطاع غزة، يعبر عن حالة العجز الإسرائيلية في مواجهة سلاح أنفاق المقاومة الفلسطينية بالطرق التقليدية أو بالمواجهة العسكرية المباشرة، وذلك باللجوء أخيرًا لطرقٍ تكنولوجية ستتغلب عليها عقول القسام، وفق ما يرى خبراء في الشأن الأمني.

وبحسب هؤلاء الخبراء فإن إنشاء الجدار لا يعني أن المقاومة الفلسطينية في غزة ستقف مكتوفة الأيدي تجاه هذه العوائق الإسرائيلية؛ إذ إن المقاومة لديها من العقول ما يتغلب على هذه العوائق.

ويريد جيش الاحتلال من خلال بناء الجدار وفق الخبراء ذاتهم الذين تحدثوا لصحيفة "فلسطين"، قراءة سلوك المقاومة وطريقة تفكير عقولها بشأن الطرق التي ستلجأ إليها للتغلب على الجدار، مستبعدين في الوقت ذاته، أن تذهب المقاومة لمواجهة مع الاحتلال بشأن بناء الجدار، مؤكدين كذلك أنها لن تعجز عن التغلب على هذه الإعاقات لمشاريعها الاستراتيجية نحو التحرير.

ونشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية تفاصيل جديدة حول الجدار، موضحة أنه يتعمق في باطن الأرض عشرات الأمتار ويرتفع عنها ستة أمتار، ومن المتوقع أن تفوق تكلفة بنائه أربعة مليارات شيقل بعد تزويده بمجسات مرتبطة بغرف عمليات الجيش ونظام ناري أوتوماتيكي فوق الأرض، ومن المتوقع الانتهاء منه خلال عام ونصف العام.

تطمينات للمستوطنين

الخبير في الشأن الأمني محمد أبو هربيد، يرى أن موضوع بناء الجدار له شقان، الأول له بُعد إجرائي لمنع أو تقليل فاعلية الأنفاق في أي مواجهة قادمة، وهذه المسألة نابعة من تقديرات جيش الاحتلال وأجهزة استخباراته، كون المعركة القادمة ستعتمد بشكل أساس على الأنفاق، وهو ما ثبتت فاعليته في مواجهة العدوان الإسرائيلي صيف عام 2014.

والأمر الثاني، كما قال أبو هربيد لصحيفة "فلسطين": "له بعدٌ دعائي لطمأنة الجبهة الداخلية الإسرائيلية، خاصة أن الأنفاق تشكل كابوس رعب ليس فقط للمستوطنين في غلاف غزة بل يصل الكابوس إلى عمق الأراضي المحتلة عام 1948م".

ويرتبط حجم بناء الجدار وتكلفته المالية بحجم الخطر الكبير الذي تسببه الأنفاق للاحتلال، موضحا أن الاحتلال من خلال مراقبة عمل الأنفاق وجد أن المقاومة تعتمد بشكل كبير على هذا السلاح.

ويضيف أن الاحتلال يستطيع بقوته العسكرية خاصة سلاح الطيران مواجهة أي هجوم بأسلحة مماثلة، باستثناء سلاح الأنفاق، لذلك هناك محاولات إسرائيلية لتقليل حجم قوة وخطر هذا السلاح الذي يتوقع أن تكون له فعاليات كبيرة بأي مواجهة قادمة.

ويعتبر الاحتلال، والكلام لأبو هربيد، أن سلاح الأنفاق عبء كبير عليه لذلك يسعى إلى التخلص منه أو الحد من تأثيره، للتفرغ لأعباء أخرى لا تقل خطورة عنه مثل الصواريخ والقذائف الموجهة، وقذائف الهاون والطائرات من دون طيار التابعة للمقاومة.

وعن مدى قدرة الجدار على التقليل من فاعلية الأنفاق الهجومية، بين أن المعركة طويلة بين المقاومة والاحتلال، وكلما ظهر سلاح من طرف فهناك سلاح يقابله من الجهة الأخرى، لافتا إلى أنه حسب تقديرات الاحتلال فسيكون الجدار آخر ما توصل إليه الاحتلال.

لكن تقدير أبو هربيد أن المقاومة لديها الإبداع لتجاوز قضية جدار الاحتلال، فالأخير أراد من خلال بناء الجدار أن يقرأ سلوك المقاومة وتفكير عقول رجالها، حول ما ستقوم به من خطوات للتغلب على الجدار بعد بنائه.

وذكّر في هذا السياق بالجدار الفولاذي الذي أقيم على الحدود بين مصر وقطاع غزة في السنوات الأخيرة من حكم الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، وتبين أنه غير فعال وتم تجاوزه، مبينا أن المقاومة لديها العقول والإجراءات بأن تتعامل مع الجدار بما لا يحمي الاحتلال.

وفيما يتعلق بفرص حدوث مواجهة عسكرية بين كيان الاحتلال والمقاومة بغزة بفعل هذا الجدار، رد بالقول: إن ما يحكم المواجهة القادمة هو حدث كبير، أو نوع من التصعيد المتدرج، أو أن يكون هناك فشل من قبل الاحتلال في مواجهة الأنفاق من خلال الجدار، فيحتاج لمواجهة أقوى باعتبار أنها فشلت في صنع وقاية للمستوطنين، معتقدا أن التجهيز والإعداد من المقاومة والاحتلال حتما سيصل لمواجهة أصعب من ذي قبل.

سلاح إستراتيجي

الخبير في شؤون الأمن القومي د.إبراهيم حبيب، قال: إن الأنفاق رغم أنه سلاح إستراتيجي للمقاومة لكنه ليس هو السلاح الوحيد الذي تمتلكه، وأن إنشاء الجدار لا يعني أن المقاومة ستقف مكتوفة الأيدي تجاه هذه الإجراءات الإسرائيلية كما يفكر قادة الاحتلال، إذ إن المقاومة لديها من العقول ما يتغلب على هذه العوائق.

وقال حبيب لصحيفة "فلسطين": "إن هذا الجدار يعبر عن زيادة في الإجراءات الأمنية الإسرائيلية في مواجهة سلاح خطير كالأنفاق، لتحقيق حالة من الأمن للمستوطنين والجنود.

وتابع: "هناك من يتوقع أن يستفز بناء الجدار حركة حماس وكتائب القسام بقيامها بضرب الآليات التي تعمل على بناء الجدار، أو شن هجوم مباغت قد يؤدي لإشعال الحرب"، مستدركا: "لكن تفكير القسام أعمق من ذلك بكثير، التي تمتلك قيادة قادرة على تقدير الأخطار، والتغلب على هذا الإجراء، إذ إن إمكاناتها هي التي تحدد شكل وطبيعة الرد".

واستبعد أن تذهب المقاومة لمواجهة بشأن بناء الجدار، معتقدًا أن المقاومة التي تمتلك خططًا إستراتيجية كبيرة لن تعجز على التغلب على هكذا عقبات وستصل إلى ما تريد.

ودلالة لجوء الاحتلال لخيار بناء الجدار، وفق حبيب، يعبر عن حالة العجز عن مواجهة الأنفاق بالطرق التقليدية أو بالمواجهة العسكرية المباشرة، لذلك يحاولون اللجوء إلى طرق وأدوات تكنولوجية تحاول الحد من وصول المقاومة إلى داخل الأراضي المحتلة عام 1948م.

كما يأتي بناء الجدار، كما تابع، ضمن إجراءات الاحتلال للمحافظة على العنصر البشري، في ظل وجود عربات ودبابات وطائرات غير مؤهلة من أجل ذات الغرض.

وأشار إلى أن إنجاز بناء الجدار بمعدله الطبيعي يحتاج إلى 3-4 سنوات، لكن الاحتلال استجلب معدات وشركات أجنبية للمساعدة في إنجازه في غضون عام ونصف العام، وذلك من باب الحس الأمني في ظل ارتفاع حالة الخوف والتوتر لدى المستوطنين في مستوطنات غلاف غزة حول خطر الأنفاق، لمحاولة طمأنتهم وتهدئتهم.