في الوقت الذي تزداد فيه الحرب الأوكرانية حدّة واشتعالا، تسعى دولة الاحتلال لاستغلال هذه التطورات الدامية لجلب أكبر عدد ممكن من يهود روسيا وأوكرانيا على حد سواء، حيث استنفرت الحكومة وزاراتها وهيئاتها الرسمية ذات الصلة، وبدأت بإعداد خطط طوارئ لتنفيذ هذا المخطط.
تتوقع تقديرات الاحتلال حدوث موجة كبيرة من هجرة اليهود هناك، وزيادة بنسبة عشرات في المئة ممن يسعون للقدوم إلى فلسطين المحتلة؛ ما دفع الحكومة لإصدار قرار بميزانية عالية، بزعم أن هذه الهجرات إنما تشكل رصيدا إستراتيجيا للدولة، تستدعي المصادقة بالإجماع على برنامج لاستيعاب المهاجرين من روسيا بقيمة تسعين مليون شيكل، لأنه سيساعدها على الفور بالتحضير لاستيعاب المهاجرين من روسيا من حيث الحلول المطلوبة لمواجهة مشكلات الإسكان، والاندماج في سوق العمل، والتعليم، والصحة، وغير ذلك، في ضوء التغذية الراجعة من هجرات سابقة غير منظمة تكشف عن عدم تحضير مسبق.
في الوقت ذاته، صدرت دعوات إسرائيلية لتمديد وتوسيع الهوامش الممنوحة لما يسمى قانون العودة العنصري، الذي يسمح بعودة كل يهودي في العالم إلى فلسطين المحتلة، فقط لمجرد أنه يهودي، وهو الحق المحروم منه أصحاب الأرض الأصليين من الفلسطينيين، وفي هذه الحالة يتجه صانع القرار الإسرائيلي إلى إدراج الجيل الرابع من اليهود ضمن من يشملهم القانون، وهم أبناء أحفاد اليهود، وليس الأحفاد فقط.
يبدو التوجه الإسرائيلي في سباق مع الزمن لاستجلاب أكبر عدد ممكن من يهود روسيا وأوكرانيا بالتزامن مع اشتداد المعارك هناك، وضيق الفرص مع مرور الوقت بسهولة عودة من تبقى منهم، ولا سيما بعد القرار الروسي الأخير بإعلان التعبئة الجزئية، وإمكانية شمول هذا القرار لأعداد كبيرة من اليهود.
مع العلم أن أكثر من أربعين ألف مهاجر جديد وصلوا إلى فلسطين المحتلة منذ بداية الحرب الجارية أواخر فبراير، منهم 24 ألفاً من روسيا وحدها، مقارنة بقرابة ثمانية آلاف في عام 2021 بأكمله؛ ما يجعلها أهم وأخطر موجة هجرة من روسيا منذ عقدين من الزمن، مع توقع عشرات آلاف المهاجرين في الأشهر المقبلة.
تجدر الإشارة إلى أنه ما دامت الحرب الروسية الأوكرانية تتفاقم، ولا يبدو أن هناك أفقًا قريبًا لتوقفها، بل إمكانية تصاعدها، فإنها ستنعكس على أعداد المهاجرين اليهود من روسيا إلى دولة الاحتلال، بحيث سوف تسجل قفزة في معدلاتها، من بضع مئات إلى آلاف إلى عشرات الآلاف، وفيما كان العدد قبل حرب أوكرانيا 743 مهاجرًا جديدًا شهرياً، فإن العدد قفز بعد اندلاع الحرب مباشرة إلى 3,361 مهاجرًا، والعدد مرشح للتصاعد مع ازدياد حدة الحرب والقتال.