فلسطين أون لاين

حقائق إسرائيلية كشفتها انتفاضة الأقصى في ذكراها السنوية

في هذه الأيام يُحيي الفلسطينيون والإسرائيليون مرور اثنين وعشرين عاما على اندلاع انتفاضة الأقصى، ويستحضر الجانبان ما يمكن عده عناصر اشتعال الوضع آنذاك، وأسباب تفجيره، وإمكانية أن يعيد التاريخ دورته هذه الأيام.

آنذاك، اجتمعت جملة من الأسباب والدوافع التي عجّلت انطلاق الانتفاضة، أهمها وصول مفاوضات التسوية إلى طريق مسدود بعد فشل مفاوضات كامب ديفيد، وتأكيد الأطماع اليهودية في القدس والمسجد الأقصى، وظهور التعنت الإسرائيلي في قضايا اللاجئين والمستوطنات، واستمرار الاحتلال الإسرائيلي في مصادرة الأراضي.

كان طبيعيا حينها أن يواجه الإسرائيليون بركانا غاضبا فلسطينيا عارما ليس في فلسطين وحدها، بل في العالم العربي والإسلامي أجمع، وانطلقت الانتفاضة، وأفرزت عدداً من الحقائق، أهمها أن الأمة لا تزال حية، رغم الجراح التي أثخنتها، وأن روح المقاومة والصمود والاستعداد للبذل والتضحية لم تخمد.

فقد خرجت المظاهرات بعشرات الآلاف، بل بمئات الآلاف في بلدان العالم العربي والإسلامي، من الرباط في أقصى المغرب وحتى جاكرتا في أقصى المشرق، كلها تهتف للأقصى والقدس وفلسطين، وتطالب بالمقاومة، وتقدم ما لديها من تبرعات ودعم، فكانت لحظات رائعة من وحدة الأمة، وظهرت تجليات الإمكانات الكبرى لهذه الأمة لتحقيق النصر لو سلكت طريق المقاومة.

وأثبتت الانتفاضة في ذكرى اندلاعها أن قضية فلسطين بأرضها المباركة وبقدسها وأقصاها قضية تجمع العرب والمسلمين وتوحدهم، بل وتكون سبباً في تجاوز خلافاتهم، والتركيز على الاحتلال الإسرائيلي، وأن هذه القضية غدت القضية المركزية للعالم العربي الإسلامي، فلا قضية تجمعهم مثلها.

كما وجهت الانتفاضة ضربة قاسية لمشروع التسوية والتطبيع مع دولة الاحتلال، وبرزت المقاومة خيارا أمثل، وأكدت أن التسوية السلمية قائمة على الظلم والغصب، وأن جماهير الفلسطينيين والعرب والمسلمين ترفض التنازل عن حقوقها في الأرض المقدسة، ولا تأمل من الاحتلال سلاماً ولا خيراً، وترى في المقاومة الوسيلة الأنجع لاسترداد الحقوق.

على الصعيد الإسرائيلي، أسقطت الانتفاضة حكومة حزب العمل بزعامة "باراك"، حيث اختار المجتمع الإسرائيلي في 2001 رجلاً أكثر دموية وتطرفاً، ومشهوراً بمذابحه ضد الفلسطينيين، هو "أريئيل شارون" زعيم الليكود، وأعادوا اختياره في 2003 ليستمر في سياسته القمعية الدموية، في محاولة يائسة لسحق الانتفاضة، وقد أبدى إصراراً شديداً على قمع الانتفاضة، وإلغاء مكاسبها، مستفيدا من أجواء انشغال العالم بأحداث سبتمبر2001.

ورغم قسوة معاناة الفلسطينيين، فقد أظهر استطلاعات الرأي أن 80% منهم يؤيدون استمرار الانتفاضة، وأن 63% يؤيدون العمليات الاستشهادية، ومع أن انتفاضة الأقصى بدأت بأنشطة شعبية مدنية، فإنها أخذت تتحول إلى العمل العسكري المسلح، دون إهمال للمظاهر الشعبية للمقاومة، التي حرصت على تجنيد كل الطاقات الجماهيرية الكامنة.