فلسطين أون لاين

في أروقة الأمم المتحدة

تقرير وصف المقاومة بـ"الإرهاب".. مزاعم إسرائيلية يروّجها عباس

...
محمود عباس رئيس السلطة خلال إلقاء كلمة في الأمم المتحدة- أرشيف
رام الله-غزة/ خاص "فلسطين":

لم يكن وصف رئيس السلطة محمود عباس، للمقاومة بأنها "إرهاب"، الأول من نوعه، لقد كرر مزاعمه هذه عدة مرات على منبر الأمم المتحدة، وأمام العالم أجمع، في خطوةٍ تقدم خدمة مجانية لـ(إسرائيل) التي ترتكب انتهاكات وجرائم مستمرة بحق الشعب الفلسطيني.

وكان عباس تعهد خلال خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة، أول من أمس، بـ"محاربة الإرهاب معًا" دون أن يشير إلى مصدره أو يعرفه، وهذا ما يراه سياسيان تحدثت إليهما صحيفة "فلسطين"، بأنه اتهام واضح المقاومة الفلسطينية، بدلالة اعتقال أجهزة أمن السلطة في مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية، مؤخرًا، المطارد مصعب اشتية، أحد أبرز المطلوبين للاحتلال، ضمن سياسة التنسيق الأمني.

وبالعودة إلى مراحل ماضية، فإن وصف عباس للمقاومة بـ"الإرهاب" هذه المرة ليس المرة الأولى، ولقد تعهد في خطابات ومواقف عديدة بالتصدي لها والحد منها؛ حتى إنه وصف عمليات المقاومة في إحدى المرات بـ "الحقيرة" وعدَّ أن التنسيق الأمني "مقدس"، على حدِ زعمه.

وكانت رئاسة السلطة فرضت إجراءات عقابية على غزة التي تمثل رأس حربة المقاومة الفلسطينية، في الأعوام الماضية، وتركت تداعيات خطيرة على الأوضاع الإنسانية، وبدأها تحديدًا في إبريل/ نيسان 2017.

وفي إحدى خطاباته بالأمم المتحدة، تعهد بتشديد العقوبات في محاولة منه لانتزاع تنازلات سياسية من فصائل المقاومة والشعب الفلسطيني.

المقاومة.. ونعم الإرهاب

ورأى الباحث والكاتب السياسي مجدي حمايل، أن استعداد عباس لمحاربة "الإرهاب" يعكس غضبه من المقاومة الفلسطينية التي هي في نظره تشكل "إرهابًا"، مشيرًا إلى أن ما تحدث به في الأمم المتحدة، ليس فيه أي مصلحة لشعبنا بقدر ما قدم خدمة لما وصفها بـ"الماكينة الإعلامية الصهيونية" التي تضخ كذبًا وتزويرًا بأن شعبنا يمارس "الإرهاب".

وأضاف حمايل لـ"فلسطين": إن "الإرهاب يتمثل في كيان الاحتلال الذي احتل فلسطين وشرد أهلها وقتل منهم الآلاف وارتكب بحقهم جرائم كبيرة، لكننا في عالم يرى بعين واحدة، وينسى كل جرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين وينظر إليهم أنهم إرهابيون ليأتي عباس ويبدي استعداده لمحاربة المقاومة".

وعدَّ أن ما يزيد الطين بلة والمأساة أيضًا، أن يأتي شخص فلسطيني يعرف أبناء جلدته بأنهم يمثلون الإرهاب وأن يتكفل بمحاربتهم لكونهم جزءًا منه، وهذا ما فعله عباس.

وتابع: كان يجب على عباس أن يعرّف للعالم ما هو إرهاب الاحتلال، وأن يؤكد للجميع أن شعبنا ليس إرهابيًّا بل أكثر الشعوب أخلاقًا وإنسانية يعيش تحت الاحتلال.

واستدرك: يجب على عباس أن يكون على قدر المسؤولية وناقلًا لرسالة شعبه بأن الاحتلال هو من يمثل الإرهاب.

وأشار إلى أن استعداد عباس لمحاربة الإرهاب، يمثل رواية الاحتلال التي يريد أن يسوقها للعالم على لسان رئيس السلطة، ليقنع العالم أكثر أن شعبنا إرهابي، وهذا غير صحيح.

وعدَّ أن غزة ونابلس وجنين وغيرها من المدن الفلسطينية، فيها مقاومة تحارب "الإرهاب الصهيوني" الذي يمثل كل الجرائم بحق شعبنا.

تناقضات عباس

وعدَّ أستاذ العلوم السياسية والقانون الدولي المقيم في مدينة القدس، د. أمجد شهاب، أن خطاب عباس يعكس مزيدًا من التناقضات في سياسته، مدللاً على ذلك بتأكيده التعامل مع (إسرائيل) كقوة احتلال، وهنا كيف سيتصدى لها دون مقاومة مسلحة؟!

وقال شهاب لـ"فلسطين": إن "القانون الدولي يسمح لأي دولة محتلة بمقاومة هذا الاحتلال بكل القوى المتاحة، مضيفًا: عباس إنسان لا يفهم المنظومة الدولية جيدًا، وتخلى عن كل بطاقات القوة التي ممكن أن يملكها أي رئيس، علمًا أن المقاومة هي البطاقة الوحيدة التي بقيت لدى الشعب الفلسطيني".

وتابع: إن "عباس لا يريد الاعتراف بأن المسيرة السلمية فشلت، وإن حل الدولتيْن انتهى منذ 20 سنة، ويتعهد بتنفيذ اتفاقيات (أوسلو) على حين رئيس وزراء الاحتلال الأسبق اريئيل شارون، أكد أن هذه الاتفاقية انتهت عندما اجتاح الضفة الغربية، وهذا كله يعكس التناقضات لدى عباس".

وأكمل: "عباس يقول إنه يحارب الإرهاب وهو موقع لاتفاقية بهذا الخصوص مع أكثر من 80 دولة حول العالم، لكن لماذا لا يحارب الإرهاب الذي يمارسه جيش الاحتلال والمستوطنون؟ إن ما يقوم به عباس على الأرض هو استهداف المقاومة لأنها إرهاب في نظره".

وعدَّ شهاب أن الخطاب يمثل استخفافًا بعقول المواطنين الفلسطينيين، ويحمل الكثير من معاني الاستهتار، والذل والمهانة.

وكانت ردود فعل مناوئة لخطاب عباس نشرها نشطاء بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي، عبّروا عن رفضهم وإدانتهم الشديدة لوصف عباس للمقاومة الفلسطينية بـ"الإرهاب".