فلسطين أون لاين

​تحليل: استجابة نتنياهو لدعوات أهالي الجنود المفقودين مرهونة بضغط شعبي

...
الناصرة / غزة - أدهم الشريف

اتفقت آراء محلل سياسي مع مختص بالشأن الإسرائيلي، على أن حكومة الاحتلال برئاسة بنيامين نتنياهو، لن تستجيب لدعوات أهالي جنود الجيش المفقودين في غزة لمعرفة مصيرهم، طالما اقتصر الحراك في (إسرائيل) على هذه العائلات، ولم يمتد للرأي العام.

ورأى الاثنان، في حديثين منفصلين لـ"فلسطين"، أن حراك الرأي العام الإسرائيلي كان ذا قوة أكبر حين كان جندي المدفعية جلعاد شاليط، أسيرًا على مدار أكثر من خمس سنوات لدى كتائب القسام بغزة.

ويرجع ذلك إلى مصير شاليط الذي كان معروفًا لدى ذويه والإسرائيليين بأنه على قيد الحياة، بحسب أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر الدكتور مخيمر أبو سعدة.

وعلمت حكومة الاحتلال لأول مرة أن شاليط الذي أسر في 25 يونيو/ حزيران 2006، على قيد الحياة، بعد انتهاء عدوان 2008 /2009، وظهر في فيديو قصير مقابل إطلاق سراح 20 أسيرة من سجون الاحتلال.

وقال أبو سعدة؛ إن الضغط الشعبي صادر من عائلات الجنود المفقودين في غزة فقط، ولا يوجد ضغط من الرأي العام على حكومة الاحتلال لمعرفة مصيرهم.

"حتى الإعلام لم يتحدث عن ضغوط شعبية في دولة الاحتلال، بقدر ما يهم هذا الشأن عائلات الجنود بالدرجة الأولى" كما أضاف أبو سعدة.

وكانت القسام أعلنت عن أسر جندي النخبة في جيش الاحتلال شاؤول أرون، شرقي غزة، خلال العدوان على غزة صيف سنة 2014.

وفقد خلال العدوان الذي استمر 51 يومًا، الضابط هدار جولدن، في رفح، جنوبًا، فيما فقدت آثار جنديين آخرين.

واعتبر أبو سعدة، أن حالة فقدان هؤلاء تختلف عما كان عليه الحال حين كان شاليط أسيرًا، لعدة أسباب أولها أن عائلة شاليط كانت أكثر فاعلية ونشاطًا لتعبئة الرأي العام الإسرائيلي وتفعيله للضغط على حكومة الاحتلال الذي كان يرأسها نتنياهو، حين أنجزت الصفقة على مرحلتين في نهاية 2011.

وأضاف: حكومة الاحتلال بعد اتمام صفقة شاليط أقرت أن من يفقد في أي معركة يعتبر ميتا، وفعليًا أقامت (إسرائيل) مراسم دفن رمزية للضابط هدار جولدن، الذي فقد في رفح بعد عملية نفذتها كتائب القسام.

وأشار إلى أن الاحتلال يعتبر هؤلاء الأسرى في عداد الأموات، لذلك لا يتعامل معهم على أنهم على قيد الحياة.

وفي عام 2011م أنجزت صفقة وفاء الأحرار بين حكومة الاحتلال بزعامة نتنياهو، وحركة حماس بوساطة مصرية، وبموجبها أطلق سراح شاليط مقابل تحرير 1027 أسيرا وأسيرة فلسطينية، وهو ما اعتبره أبو سعدة "انجازا" لنتنياهو أمام الرأي العام الإسرائيلي لكنه "باهظ الثمن" بالنسبة لدولة الاحتلال.

وتابع: (إسرائيل) نادمة على صفقة شاليط، لأن العدد الذي أطلق سراحه كبير جدًا وبينهم من أصحاب المحكوميات العالية، فأعادت اعتقال بعضهم لاحقًا.

"ويعرف نتنياهو جيدًا أن ثمن إطلاق سراح الجنود المفقودين سيكون باهظا جدًا"، كما قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر.

ورجح أبو سعدة ألا تبدي حكومة الاحتلال أو الرأي العام الإسرائيلي اهتمامًا كبيرًا تجاه قضية هؤلاء الجنود ما لم توجد مؤشرات تثبت أن هؤلاء أحياء، رغم أن القسام أصدرت مرئيات تلمح إلى ذلك.

ولم تقدم القسام منذ أسر وفقدان الجنود في غزة عام 2014، أي معلومة عنهم وتسعى لذلك حتى لا تذهب أي معلومة بلا ثمن يدفعه الاحتلال.

لكن ماذا لو ظهرت معلومات تثبت عدم صحة رواية جيش الاحتلال بأن هؤلاء الجنود قتلى، وأنهم على قيد الحياة أسرى لدى المقاومة بغزة، يجيب المختص في الشأن الإسرائيلي نظير مجلي: إذا كان هناك مجرد أدلة أولية بأن الأسرى أحياء، بالتأكيد سيعطي ذلك دفعة للعائلات، وسيحدث شرخا جديدا بين العائلات وحكومة الاحتلال.

وأضاف مجلي أن ذلك "سيفتح الباب أمام الجمهور الإسرائيلي للتفكير بطريقة أخرى حول تعاطي حكومة الاحتلال مع ملفات الجنود الأسرى".

وأكد أن أهالي آرون وجولدن، ليسوا على قناعة برواية حكومة الاحتلال وجيشه بأن ابنيهما ميتان، ومقتنعون بأنهما أحياء طالما لم يريا جثمانيهما.

ونوَّه إلى أن ضغط الرأي العام على حكومة نتنياهو، قليل وضعيف جدًا، ولا يقارن بالضغط الذي مورس حين كان شاليط أسيرًا.

ويعتقد مجلي أن المجتمع الإسرائيلي بات "لا يكترث كثيرًا للأسرى المفقودين بعد أن نجحت قيادة الاحتلال في زرع قناعة لديهم بأن الأسيرين (أرون وجولدن) ميتان، وأن ما تحتفظ به حماس عبارة عن جثث لا أكثر، وأن الأسيرين الأحياء هما واحد أثيوبي وآخر عربي، وهما لا قيمة كبيرة لهما في المجتمع الإسرائيلي".

وذكر بوعد نتنياهو بألا تتكرر صفقات مثلما جرى مع شاليط، حيث خضعت حكومة الاحتلال لضغوط حماس، وأفرجت عن عدد كبير من الأسرى، بينهم المئات من المحكومين بالمؤبد.

ويعلق أهالي الأسرى آمالهم على المقاومة وتمكنها من تحرير أسرى جدد محكومين بعشرات المؤبدات، وهم تواقون للحرية.