فلسطين أون لاين

20 عاماً على استشهاد القائد العام والمؤسس لكتائب القسام الشيخ صلاح شحادة

...

تصادف اليوم الذكرى الـ20 لاغتيال الشيخ الشهيد "صلاح شحادة" القائد العام والمؤسس لكتائب الشهيد عز الدين القسام.

ولد  صلاح الدين مصطفي محمد علي  شحادة في 24/2/ 1952 في مخيم الشاطىء للاجئين من عائلة هاجرت من مدينة يافا بعد احتلالها عام 48 الى قطاع غزة.

هو مؤسس الجهاز العسكري الأول لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" والذي عرف باسم "المجاهدون الفلسطينيون"، ووجهت لهم تهم تشكيل خلايا عسكرية وتدريب أفرادها على استعمال السلاح، وإصدار أوامر بشن هجمات ضد أهداف عسكرية صهيونية.

في عام 1958 دخل صلاح المدرسة الابتدائية التابعة لوكالة الغوث وهو في سن الخامسة، درس في بيت حانون المرحلة الإعدادية، ونال شهادة الثانوية العامة بتفوق من مدرسة فلسطين في  غزة .

التحق بالمعهد العالي للخدمة الاجتماعية في الإسكندرية، وفي السنة الثالثة بدأ التزامه بالإسلام يأخذ طابعاً أوضح و حصل على المؤهل الجامعي بكالوريوس في الخدمة الاجتماعية من جمهورية مصر العربية ، و لم تسمح له ظروفه المادية بالسفر إلى الخارج لإكمال دراسته العليا وكان حصل على قبول لدراسة الطب والهندسة في جامعات تركيا وروسيا .

بدأ العمل في الدعوة إلى الإسلام فور عودته من مصر إلى قطاع غزة و عمل باحثاً اجتماعياً في مدينة العريش في صحراء سيناء، وعيّن لاحقاً مفتشاً للشؤون الاجتماعية في العريش  ، تزوج في العام 1976 من زوجته التي استشهدت معه وهو حالياً أب لستة بنات ولدت الأخيرة أثناء اعتقاله .

 بعد أن استعادت مصر مدينة العريش من العدو الصهيوني الغاصب  في العام 1979 انتقل شحادة  للإقامة في بيت حانون واستلم في غزة منصب مفتش الشؤون الاجتماعية لقطاع غزة .
في بداية العام 1982 استقال من عمله في الشؤون الاجتماعية وانتقل للعمل في دائرة شؤون الطلاب في الجامعة الإسلامية في مدينة غزة .

 شخصيته القيادية

 تميز الشيخ صلاح بشخصية فذة تمثل حقاً شخصية القائد المسلم الذي لا يعرف النكوص ولا الملل ولا التراجع، يضم الجميع ويجمع المجاهدين بإصرار وعمل دءوب، لا يعرف , ناهيكإلى قلبه سبيلا، كان شعلة من النشاط وعقلا مدبراً مخططاً يلجأ إليه الجميع عند الكروب والشدائد ويلوذ به جنوده الأوفياء عند طلب النصح والمشورة والحكمة، كما تميز بالشخصية العسكرية الحكيمة التي تستطيع التدبير والموازنة بين الخيارات واتخاذ القرارات المناسبة.

 الشيخ صلاح في ميدان الجهاد

يعتبر الشيخ صلاح شحادة مؤسس الجهاز العسكري الأول لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" والذي عرف باسم "المجاهدون الفلسطينيون"، ووجهت لهم تهم تشكيل خلايا عسكرية وتدريب أفرادها على استعمال السلاح، وإصدار أوامر بشن هجمات ضد أهداف عسكرية صهيونية   بعد اعتقاله الأول, وبعد أن خرج من السجن الذي قضى فيه الأحكام الظالمة التي صدرت بحقه والتي تعدت العشر سنوات.

كان الشيخ أكثر صلابة وأكثر عزة, وخرج من المعتقل وهو يضع نصب عينية أن يذيق الصهاينة ويلات المجاهدين, ون يجعلهم يدفعون ثمن جرائمهم غالياً, وهكذا لم يضع وقتاً طويلاً بعد الإفراج عنه حتى   عاد الشيخ إلى قيادة كتائب القسام ليطور عملياته وإمكانياته، وليختفي عن الأنظار ويصبح المطلوب الأول لجيش الاحتلال الصهيوني خلال انتفاضة الأقصى.

وليوجع الصهاينة بعمليات القسام الاستشهادية والعسكرية وصواريخ القسام التي تم تصنيعها وتطويرها بجهود ذاتية وإمكانيات متواضعة والتي أوقعت في جنود العدو وقطعان مستوطنيه المئات من القتلى والآلاف من الجرحى، وتلاحقه استخبارات العدو لتصفيته بعد أن أقض مضاجعهم ونكّل بهم ، والله ينجيه في مرات كثيرة من شرورهم ومكرهم ، إلى درجة أن الإرهابي شارون كان يخطط لاجتياح قطاع غزة كما اجتاح الضفة الغربية لعله يعتقل أو يغتال الشيخ صلاح شحادة كأحد أهم أهداف الاجتياح كما صرح الصهاينة بذلك.

و تمكن أبو مصطفى بعون الله من إعادة بناء الجهاز العسكري لحركة حماس مع مطلع سنة 2000م والذي دمرته السلطة الفلسطينية في عام 1996 وما بعدها وفق اتفاقية "أوسلو" الهدامة.

 صبر على الابتلاء

تعرض الشيخ صلاح لأقسى صنوف التعذيب الجسدي والنفسي خلال فترة اعتقاله, وذكر الشيخ أن المحققين الصهاينة نتفوا لحيته شعرة شعرة حتى شك أن تنبت له لحية بعد ذلك,ناهيك عن أساليب الشبح والضرب المبرح جولات التحقيق التي لا تنتهي.
وقضى الشيخ سنوات سجنه صابراً محتسباً رغم كل الظروف القاسية التي أحاطت به ، ورغم فترات طويلة من سجنه الانفرادي في زنزانة ضيقة ، شغل نفسه فيها بحفظ القرآن وتلاوته والقيام   وذكر الله والتضرع إليه سبحانه, فكان السجن عند أبي مصطفى   خلوة  مع الله ، وتطهيراً للنفس وتزكية للفؤاد، وكان فرصة للتفكير  العميق والتخطيط الدقيق لابتكار   أساليب جديدة في العمل العسكري المقاوم.

وكان أباً حنوناً للمعتقلين من كل التنظيمات الفلسطينية يعلمهم الإسلام ، ويعينهم على الصبر والمصابرة ، ويشغل أوقات فراغهم  بالنافع المفيد من   حفظ للقرآن  الكريم   والسنة النبوية المطهرة، وسيرة سيد الأنام محمد (ص) وتاريخ الإسلام العظيم ، ورجاله الأفذاذ ، وحب فلسطين وواجب   الجهاد لتحريرها   ، إلى جانب  تسليتهم وتقوية أجسادهم بفنون الرياضة المختلفة ومنها المصارعة اليابانية التي كان يجيدها.

 تجربته في سجون الاحتلال

اعتقلته سلطات الاحتلال في العام 1984 للاشتباه بنشاطه المعادي للاحتلال غير أنه لم يعترف بشيء ولم يستطع الاحتلال الصهيوني إثبات أي تهمة ضده أصدروا ضده لائحة  اتهام حسب قانون الطوارئ لسنة 1949، وهكذا قضى في المعتقل عامين .
 بعد خروجه من المعتقل في العام 1986 شغل منصب مدير شؤون الطلبة في الجامعة الإسلامية إلى أن قررت سلطات الاحتلال إغلاق الجامعة في محاولة لوقف الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت في العام 1987، غير أن الشيخ صلاح شحادة واصل العمل في الجامعة حتى اعتقل في آب/ أغسطس 1988 .

 في 18-8-1988م، استمر التحقيق حتى 26-6-1989 في سجن السرايا، ثم انتقل من زنازين التحقيق إلى غرف الأسرى، وفي 14-5-1989م أعيد إلى زنازين التحقيق بعد أن تم الاعتراف عليه بمسؤولية الجهاز العسكري لحركة حماس، واستمر التحقيق لمدة 200 يوم، وبذلك بلغ مجمل التحقيق معه حوالي عام كامل، وكانت التهم الموجهة إليه المسئولية عن الجهاز العسكري لحماس، وإصدار أوامر باختطاف الجنديين (سبورتس، وسعدون)، ومسئولية حماس، والجهاز الإعلامي في شمال قطاع غزة، وحكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات على تهمة مسئولية حماس والجهاز الإعلامي في المنطقة الشمالية، أضيفت إليها ستة أشهر بدل غرامة رفض الشيخ المجاهد أن يدفعها للاحتلال.

ظل  محتجزا في العزل الانفرادي والتحقيق منذ بداية اعتقاله وحتى آيار / مايو 1989 بعد  أن فشل محققو جهاز الاستخبارات الصهيونية  في انتزاع أي معلومات منه قرروا إنهاء   التحقيق معه، غير انه أعيد التحقيق بعد فترة قصيرة الى زنازين التحقيق بعد حملة اعتقالات واسعة في صفوف حركة المقاومة الإسلامية حماس جرت أيار / مايو 1989 استمرت جولة التحقيق الجديدة حتى تشرين ثاني / نوفمبر 1989 أي بعد ستة اشهر ومنع من استقبال الزيارات العائلية ، وبعد انتهاء المدة حول إلى الاعتقال الإداري لمدة 20 شهرًا ليتم الإفراج عنه بحمد الله تعالى في 14-5-2000.

 قهره لسجانيه

ومن مواقفه البطولية التي تنم عن روح التحدي والإصرار موقفه من زيارة في السجن من الإرهابي الصهيوني اللواء إسحاق مردخاي قائد المنطقة الجنوبية التي تضم قطاع غزة والنقب في جيش الاحتلال الصهيوني عام 1988م والذي شغل فيما بعد منصب وزير حرب العدو.
 وقد جيء بالشيخ صلاح شحادة إلى مكتب مدير السجن وهو مقيد اليدين والرجلين, فأبى الشيخ العزيز أن يتحدث مع مردخاي حتى يتم فك قيوده ، فاستدعى الجبان مردخاي الجنود لحمايته من شيخنا الأسير   وأمر بفك قيوده ، وسأله عن مكان جثث العسكريين الصهيونيين ، فأنكر الشيخ صلاح صادقاً معرفته أو معرفة أحد من إخوانه السجناء   بالمكان ، فقال له  الإرهابي  مردخاي : "يا جنرال صلاح   إنّ  جنودك جبناء يكذبون", فقال له الشيخ صلاح:"اعلم أيها الجنرال أن رجالي مؤمنون وشجعان لا يعرفون الكذب ولا يجبنون،   لقد اختطفوا جنودك وهم مدججون بالسلاح ، بينما يقتل جنودك الأطفال والنساء والشيوخ والشباب العزل،   وقد بالوا على أنفسهم عندما تمّ اختطافهم، وقبّـلوا أقدام المجاهدين لإطلاق سراحهم ، وكانوا يصرخون ويبكون كالنساء ويستنجدون بأمهاتهم", عندها خرج الإرهابي من الغرفة وهو يجر أذيال الخيبة والخزي من رد الشيخ صلاح الحاد كالسيف.

 خرج من السجن يحمل تهديدا من ضباط المخابرات الصهيونية  بضرورة اغتياله في حال قيامه بأية نشاطات ضد الاحتلال و بعد عدة شهور قدم استقالته من عمله و تفرغ لمقاومة الاحتلال رافضا كل المغريات حتى لقي ربه شهيدا كما أراد .

استشهاد القائد

استشهد الشيخ صلاح شحادة القائد العام لكتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحماس، في وقت متأخر من مساء الاثنين 22 تموز (يوليو) 2002م بقصف جوي وذلك بإلقاء قنبلة تزن طنا ألقتها طائرة صهيونية من نوع(اف 16)علي بناية في حي مزدحم بمدينة غزة. مما أدى إلى استشهاد 18 فلسطيني بينهم ثمانية أطفال.

وقد أمر باغتياله شارون والجنرال دان حالوتس قائد سلاح الجو الصهيوني في تموز (يوليو) 2002م رغم تأكده من وجود زوجته إلى جانبه ما أدى إلى استشهادها أيضا مع العديد من الجيران والمارة بالشارع المدنيين الآخرين.

 
المصدر / فلسطين أون لاين