فلسطين أون لاين

بالصور "سكوبي" أفلام ديزني يبيع "الهوت دوغ" لأطفال رام الله

...
عربة سكوبي في رام الله
رام الله-غزة/ مريم الشوبكي:

في أثناء سيرك بمدينة رام الله ستجذبك عربة طعام متنقلة تُزيّنها صورة "سكوبي" أشهر من صنع شطائر "البرجر" والنقانق في أفلام ديزني، أمامك تُقلّب رشا نوارة رقائق اللحم على صاج الشواء الذي تقود رائحته المشترين رغمًا عنهم.

مطعم "سكوبي" المتنقل هي فكرة خُلقت من معاناة وصعوبات وصفعات تلقّتها رشا، بعدما فقدت عملها مع جائحة كورونا في إحدى المؤسسات التي تعنى بالصحة النفسية للأطفال، وطرقت أبوابًا عدة لكي تعمل اختصاصية بمجال دراستها علم النفس والاجتماع، ولكن أغلقت جميعها في وجهها.

حينها بحثت رشا (26 عامًا) عن مواهب في داخلها يمكن أن تصنع منها مشروعًا يدرُّ عليها دخلًا، وفي الوقت ذاته يتماشى مع وضع السوق المحلي ويمكن أن يلقى رواجًا بين الناس، فاستثمرت موهبتها في إعداد الوجبات السريعة وأنشأت مطعمًا متنقلًا تجوب به شوارع مدينتها.

في الصباح الباكر تتسوق رشا الخضار واللحوم الطازجة، وتغسلها وتُجهّزها في بيتها، قبل أن تتنقل بعربتها في شوارع المدينة، حيث تعدُّ الشطائر بنفسها للزبائن بمساعدة موظفين يعملون معها.

سكوبي (4).jpeg
 

وداخل "سكوبي" تعدُّ رشا شطائر البرجر، والنقانق (هوت دوغ)، والسجق البلدي، وتبرع في صنع مزيج من لحم الحبش مع الجبن، وتقدم مشروبات ساخنة وباردة.

تقول رشا لـ"فلسطين": "بعد تخرجي اشتغلت بمؤسسة للأطفال، وفي كورونا جمّدت المؤسسة عملها وأغلقت أبوابها بسبب انقطاع الدعم عنها، ولأني تعودت العمل حاولت البحث عن عمل والتطوع في المدارس مرشدة اجتماعية، ولكنهم رفضوا".

تضيف: "لمعت في ذهني فكرة عمل عربة للطعام، واستشرت والدي بها ووجدت تشجيعًا كبيرًا منه، فشاركني في البحث عن الاسم، والتصميم، وكنت أبحث عن اسم يجذب الأطفال لأنهم أكثر الفئات التي أحب العمل معها، لذا استلهمت الاسم من أفلام الكرتون".

تجديد المذاق

بدأت رشا عملها في صنع الوجبات السريعة التي لقيت إقبالًا كبيرًا في نيسان (أبريل) من عام 2021م، بعدما حصلت على جميع التراخيص اللازمة من كل الجهات ذات العلاقة، وبعدما لاحظت البلدية حجم الإقبال عليها اتجهت نحو التضييق عليها، كما تخبر.

وتُبيّن أنّ بلدية رام الله منعتها في البداية من توقيف عربتها في أحد المتنزهات العامة التي تجد فيها إقبالًا من الناس، ثم فرضت عليها أجرة شهرية قيمتها 2500 شيقل، وأجبرتها على الوقوف في مكان اختارته لها ولا يناسبها كامرأةٍ.

اشتدت التضييقات على رشا ودفعتها إلى الاستسلام لها مؤقتًا، تقول: "فالرسوم التي فرضتها البلدية لا يمكنني دفعها، لا سيّما أنني بدأت مشروعي من الصفر، إذ حصلت على قرض غطّى تكاليف تصميم العربة، ولديّ بعض الموظفين يساعدونني".

سكوبي (2).jpeg
 

وتضيف: "نهضت من جديد وبحثت عن مكان آخر يمكنني الوقوف فيه دون أن أضطرّ إلى دفع هذه الرسوم الكبيرة، وبدأت أقوى في العمل إذ أضفت أصنافًا جديدة إلى قائمة مطعمي الصغير، بابتكار صلصات تمنح الشطائر مذاقًا جديدًا لذيذًا يميزها من نظيرتها التي تقدمها المطاعم الشهيرة".

وتُلفت رشا النظر إلى أنها استطاعت استقطاب الزبائن من جميع الفئات العمرية، وأكثرهم من العائلات، والمراهقين، مؤكدة أنّ زبائنها ليسوا مجرد أشخاص يستمتعون بشطائرها، بل هم مصدر دعم معنوي لها، لا سيما الذين لا يزالون يترددون إليها رغم تغيير مكانها.

لا تنتظروا الوظيفة

ولدى سؤالها هل واجهت انتقادات من المجتمع لكونها امرأة تعمل على عربة أكل في الشارع تجيب: "في كل مكان نواجه الاختلاط: سيارات الأجرة، والعمل، وكل المؤسسات، وحتى اليوم لم ألقَ مضايقة من أيّ رجل في الشارع".

تُكمل رشا: "آخر همّي ماذا سيقول الناس عني، ما لم أفعل ما يُخالف الدين، وتقاليد وعادات المجتمع، والناس تتحدث عن الناجح والفاشل، لذا أدير ظهري لانتقاداتهم وأكمل نحو تحقيقي حلمي وهدفي".

وحاليًّا تستعد رشا إلى الالتحاق بالجامعة لإكمال الدراسات العليا، بجانب عملها في مطعمها المتنقل، وتحلم بأن تكون مُدرّسة، أو مُحاضِرة جامعية.

سكوبي (1).jpeg
 

وتطمح أن تُوسّع مشروعها وتفتح مطعمها الثابت، لكي تُوسّع رزقها، وتُوفّر عملًا لشبان وشابات لا يجدون وظيفة في الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها فلسطين.

وتختم حديثها بنصيحة لكل شاب وشابة: "يجب ألا تنتظروا الوظيفة لكي تطرق بابكم، بل ابحثوا عن أيّ عمل يضمن لكم حياة كريمة، فالعمل ليس عيبًا، مهما كان، ما لم يخالف الدين والمجتمع، ولا تلقوا بالًا لانتقادات الناس".