بدأت الأحزاب الإسرائيلية "تسن سيوفها" استعدادًا لخوض الحملة الانتخابية الخامسة خلال ثلاثة أعوام فقط، وهو رقم قياسي في تاريخ دولة الاحتلال، ولعله في العالم أجمع، ما يشير إلى حالة من عدم الاستقرار والتذبذب غير الصحي، وفي الوقت ذاته قد نكون أمام جولة انتخابية مختلفة، وأكثر إثارة للاهتمام مما عرفه الإسرائيليون حتى الآن، مع طغيان الجانب الأيديولوجي أكثر من ذي قبل، رغم ما ستشهده من فوضى عارمة، و"تكاثر" في كمّ ونوع المناورات والحيل والخديعة.
لن يكون مفاجئًا أن يستغل قادة الأحزاب الإسرائيلية لاستعراض بعضهم عضلاتهم على بعض، والتفنن بإبراز عيوب كل طرف، وإخفاقاته وفشله، رغم أن معظمهم لا يخفي خوفه من هذه الجولة الانتخابية، لا سيما في ضوء استطلاعات الرأي التي ما زالت حتى الآن، ومتأرجحة، ولم تمنح أيًّا من المعسكرين فرصة اجتياز الـ61 مقعدًا لتشكيل الحكومة القادمة، وسط توقعات بغياب أحزاب أخرى لأنها لن تجتاز نسبة الحسم.
كما لن يكون مستغربًا أن تشكل الانتخابات القادمة النهاية السياسية المحتومة لرئيس الحكومة المستقيل نفتالي بينيت، لينهي بذلك عامًا واحدًا فقط قضاها في مكتب رئيس الوزراء، من يونيو 2021 حتى يونيو 2022، وهو رقم قياسي سلبي منذ إيهود باراك، الذي شغل هذا المنصب مدة عام و35 أسبوعًا أخرى فقط، من مايو 1999 حتى مارس 2001، في حين شغل إيغال ألون منصب رئيس الوزراء بالإنابة مدة 19 يومًا فقط في 1969، ومن يعلم فقد لن تزيد ولاية يائير لابيد على الأشهر الأربعة القادمة إلى حين الاستحقاق الانتخابي القادم، إلا إذا تعثرت مهمة تشكيل الحكومة، وبذلك سيبقى الرجل في منصبه حتى إشعار آخر.
ما زال أمامنا أكثر من 120 يومًا من الحملة الانتخابية المقررة أواخر أكتوبر 2022، أي أن الإسرائيليين سيعيشون 18 أسبوعًا من "التسمم السياسي والحزبي"، وسط عودة قوية لأسماء بنيامين نتنياهو وإيتمار بن غفير والطغمة اليمينية التي أسماها لابيد "قوى الظلام"، المتطلعة لاستعادة السلطة التي فقدوها عامًا كاملًا بسبب من وصفوها بحكومة اليسار.
مع العلم أن الدعاية الانتخابية الأهم لليمين في الجولة القادمة ستستند إلى أن تجربة الحكومة الحالية فشلت، بزعم أن حكومة "الخطيئة" المولودة بطريقة شاذة تنتهي أيامها، وتدفن، في اتهام واضح لبينيت وشركائه بأنه أراد أن يكون رئيسًا للوزراء بأي ثمن، حتى على حساب خسارة مصداقيته، وقطع العلاقات مع ناخبيه من اليمين.
هكذا يدخل الإسرائيليون في حمى انتخابات جديدة، دون أن يمتلكوا بوليصة تأمين لطي صفحة هذا الاستقطاب المتفجر منذ أربع سنوات، بل قد تكون إيذانًا بدخولهم دوامة جديدة من التوتر الداخلي، وتبادل الاتهامات الذي لن يفضي لاستقرار لم يعيشوه منذ سنوات طويلة.