فلسطين أون لاين

​معاقبة شريك الحياة عند الغضب.. وسيلةٌ آنية لرد الاعتبار والنهاية كارثية

...
غزة - مريم الشوبكي

حينما يحتد الخصام بين الشركين، تبدأ الأفكار السلبية والقرارات الخاطئة بالانطلاق سريعا دون التفكير بمدى تأثيرها الخطير على حياة الزوجين لاحقا، ومن ذلك أن البعض يتخذ إجراءات عقابية ضد الطرف الآخر، كأن يمتنع الزوج هو عن شراء شيء تحتاجه زوجته، أو يمنعها من زيارة ما لمدة أسبوع، وقد ترفع شعار "اخدم نفسك بنفسك"، فلا تجهّز له الطعام، أو تمتنع عن مرافقته في زيارة أهله، يحدث هذا وأكثر كرد فعل على المشكلة في حين وقوعها، ولا يحسب الأزواج، في هذه اللحظة، حسابًا لانعكاسات إجراءاتهم على حياتهم الزوجية على المدى البعيد.. فهل يمكن أن تصلح هذه الإجراءات الخطأ؟ أم ترسخه فلا ينساها كلا الشريكين مستقبلا؟

قراراته العقابية مخيفة

"علياء" شابة متزوجة منذ خمس سنوات، وأم لطفلتين، الحياة الزوجية بالنسبة لها لم تكن سلسلة البتة، لا سيما في التعامل مع زوجها لأنه صعب المراس، فهو شخصية عنيدة، وليس مرنا حتى في أبسط المشاكل.

قالت علياء لـ"فلسطين": "أتمتع بشخصية مرحة، وزوجي على النقيض مني فهو جاد، ولا يحب المزاح، كما أنني عند حدوث أي مشكلة سرعان ما أهدأ وأبادر بالصلح، أما هو فيقيم الدنيا ولا يقعدها، ويأخذ وقتًا طويلا حتى يهدأ، ولا أستطيع التفاهم أو الكلام معه في أوقات الغضب".

وأضافت: "بطبعي لا أحب أن تطول مدة الخصام بيني وبينه، وأفضل أن أبين لها وجهة نظري وأعتذر فورا بعد أن نهدأ، ولكن هو العكس تماما يخاصمني لمدة قد تصل إلى أسبوع، كما أنني أخاف جدا من رد فعله في وقت غضبه، حيث يمكن أن يعاقبني بعدم خروجي من البيت إلى أهلي أو إلغاء نزهة مقررة لنا معا، أو أن يقرر عدم الحديث معي".

البرود العاطفي

أما "أم عمر مرتجى" تعتبر أن معاقبة أحد الزوجين للآخر عند حدوث الخصام بينهما، تنذر بمشاكل أكبر وأعمق تتراكم مع مرور الوقت، والذاكرة تسترجع هذه المشاكل فور حدوث أي خلاف جديد.

وقالت مرتجى لـ"فلسطين": "الطريقة المثلى للتعامل مع أي خلاف هي تبيان وجهة نظر كلا الطرفين، فربما أدى إلى حدوث المشكلة سوء تفاهم لا بد من توضيحه، وهنا ينتهي الخلاف دون إحداث أي ألم نفسي لأي من الزوجين".

وأضافت: "أخطر شيء في الحياة الزوجية هو النكد، بحيث يقوم الزوج أو الزوجة بمعاقبة الآخر كنوع من رد الاعتبار لذاته، دون أن ينتبه إلى أن هذا التصرف يوسع الهوة بينهما، وقد تصل إلى حد البرود العاطفي".

يزيد الفجوة

في ذات السياق، وصفت الأخصائية النفسية إكرام السعايدة الخلافات بأنها "ملح الحياة"، ولا مفر من حدوثها دائما: مبينة: "طريقة التعامل مع المشاكل يجب أن تتم بالنظر إلى نتائج هذا التعامل، لذا يجب أن يتم حلها بالتراضي والمرونة والمصارحة وتبيان الأعذار".

ولفتت السعايدة في حديثها لـ"فلسطين" إلى أن تراكم الخلافات له آثار يمكن أن تؤدي لاحقا إلى الانفصال، وليس المقصود بالانفصال في هذه الحالة الطلاق، فالانفصال ينقسم إلى ثلاث مراحل، هي الانفصال الذهني، والانفصال العاطفي، والمرحلة الثالثة مرحلة الطلاق الفعلي نتيجة تراكم ما سبق.

وأوضحت أن اتخاذ اجراءات عقابية في وقت الخلاف لن يؤتي نتائج جيدة، بل يزيد الفجوة بين الزوجين، مبينة: "التجاهل تسعة أعشار الحكمة، فالتدقيق في كل صغيرة وكبيرة وعدم إعطاء فرصة لسماع التبريرات يساهم في توتر العلاقة، كما أن عدم التسامح والعفو بين الطرفين وعدم تبني روح المبادرة، يفاقم المشاكل، فربما تكون التفاصيل البسيطة غائبة ولا بد من توضيحها".

ونبهت السعايدة إلى أن الخصام يزيد مساحة البعد والجفاء إذا لم يتم حل الأمور بطريقة سريعة وبأساليب قائمة على التفاهم والحوار والمحبة، وإن اتبع الزوجان هذا الأسلوب فسيشعران، بمرور الوقت، بالاغتراب.

وشددت السعايدة على أن الأبناء هم الأكثر تضررا من خصام الأبوين، حيث يؤدي إلى غياب تلبية الحاجات النفسية للطفل، وانعدام جو الأمان بين الزوجين، والذي هو عنصر مهم في تحقيق الثقة بالنفس لدى الطفل، وقد يدفع هذا الجو الأسري الأبناء إلى البحث عن مصادر أخرى لإشباع حاجاتهم النفسية

وأشارت إلى أن الخلافات الزوجية إذا تم تداولها مع شخص من خارج الأسرة، سيكون ذلك تربة خصبة للإشاعات والمشاكل وسببا لزيادة حدة التوتر، وعثرة في طريق التفاهم، لذا يتعين على الزوجين حل خلافاتهما بسلاسة وبسرعة، والحرص على عدم اتخاذ إجراءات عقابية توتر الأجواء.