فلسطين أون لاين

​خطاب عباس.. كلام نظري بحاجة إلى ملامسة الواقع

...
غزة- يحيى اليعقوبي


في خطاب مطول استمر لقرابة ثلاث ساعات تطرق رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أمام المؤتمر السابع لحركة فتح في رام الله, أول من أمس، للحديث عن الوضع الداخلي الفلسطيني، والعلاقة مع المجتمع الدولي.

ورأى محللون في أحاديث منفصلة مع صحيفة "فلسطين", أن خطاب عباس بحاجة إلى ترجمة عملية في مسألة المصالحة الفلسطينية وعقد حوار فلسطيني شامل يقود إلى إجراء الانتخابات الفلسطينية المختلفة، وحل قضية رواتب موظفي غزة لتجاوز حالة الانقسام.

وخلا خطاب عباس من بعض العبارات الاستفزازية المعتادة التي كان عباس يستخدمها في موضوع الخلاف مع حماس، كما أنه شكر رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" خالد مشعل على رسالته التي بعثها لمؤتمر فتح السابع، مما اعتبره المراقبون بمثابة مؤشرات إيجابية نحو التباحث في تحقيق الوحدة الفلسطينية.

جوهر الخطاب

المحلل السياسي تيسير محيسن يرى أن جوهر خطاب عباس في مؤتمر فتح السابع، يهدف إلى تعزيز بنية حركة فتح كتنظيم، مبينًا أن الخطاب أغلق ملف الاعتراضات الفتحاوية لطريقة عقد المؤتمر.

وقال محيسن لصحيفة "فلسطين": "إن الخطاب على صعيد العلاقات الداخلية الفلسطينية خلا من لهجة الاستفزاز التي اعتاد عباس استخدامها بالسابق، باستخدام مصطلحات منتقدة لجانب الخلافات الداخلية"، موضحًا أن الخطاب خلا إلى أي إشارة للخلاف مع حماس.

في نفس الوقت، أوضح أن الكثيرين كانوا يتوقعون أن يتضمن الخطاب إشارة إلى المتجنحين (الموالين للقيادي المفصول من فتح محمد دحلان) ولكنه خلا من الإشارة إليهم أيضًا، وكأنه يقول إن فتح قوية رغم هذه الأصوات التي تعترض على كون عباس رئيسًا للسلطة، ويؤكد بذلك أن قيادته هي الباقية في مسيرة فتح.

في النضال الدولي والإقليمي ابتعد عباس، وفق محيسن، في خطاباته للخوض في حالة التشرذم العربي. إلا أنه بين أن الوقائع العملية التي يمكن أن تترجم في الفترة القادمة ستبين إن كان الخطاب جديًا أم أنه يراد منه صعود فتح للقمة.

وذهب محيسن للإشارة إلى أن عباس منذ سنوات وأشهر وهو يتحدث عن استعداده للذهاب إلى الانتخابات كمخرج لإنهاء حالة الانقسام الفلسطيني، موضحًا أن الانتخابات البلدية كانت تجربة جوهرية لرسم رؤية سياسية تمهد للانتخابات العامة.

وتابع: "إذا كان أبو مازن جادًا في الذهاب للانتخابات، فيجب عليه أن يقرر الذهاب للانتخابات التشريعية والرئاسية، وأن يتضمن الدعوة للانتخابات الاتفاق على آلياتها مع القوى الوطنية، وأن يتضمن الخطاب الجهوزية لعقدها".

وتساءل محيسن: "كيف سيجري عباس الانتخابات دون أن يعطي الآخرين فرصة لرسم المعالم السياسية الفلسطينية، أو أن يقوم بتقديم إجراء عملي يدلل على مبدأ الشراكة مع الآخرين؟".

ورأى أن الخطاب جاء لدغدغة العواطف والظهور أن فتح ديمقراطية، ولديها مساحة للتعامل مع الخصوم.

3 سيناريوهات

أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة بيرزيت جهاد حرب فقال: "هناك مؤشرات إيجابية من طرف حماس وعباس، تتعلق بسماح حماس لجميع أعضاء المؤتمر من قيادات فتح بالخروج من غزة، إضافة إلى الرسالة التي بعثها مشعل في كلمته في اليوم الافتتاحي للمؤتمر والتي حملت مضمونًا إيجابيًا حول المصالحة".

وأضاف حرب لصحيفة "فلسطين": "إن الفقرة المتعلقة بالمصالحة في خطاب عباس كانت إيجابية ولكن المصالحة بحاجة إلى حوار معمق وصريح حول الالتزامات المتبادلة والأثمان التي ستدفعها الحركتان مقابل الوحدة في ظل وجود قضايا تتعلق بموظفي غزة، والمجلس التشريعي، والحكومة، وقضايا أخرى تتعلق بالتزامات منظمة التحرير".

وهناك ثلاثة خيارات أمام "فتح، وحماس"، كما أوضح حرب، الخيار الأول الذهاب لحوار معمق يتجاوز الحوارات السابقة التي لم تحدث تحولًا في اتجاه استعادة الوحدة، أو تشكيل حكومة وحدة وبالتالي تتحمل المسؤوليات والتبعات لهذا الأمر، والثاني إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية باعتبارهما مدخلًا للمصالحة، وتصبح هناك مؤسسة مطلوب منها إنجاز مهمة محددة باتفاق القاهرة.

والخيار الثالث -بحسب حرب- تشكيل حكومة وحدة وطنية بعد الانتخابات تأخذ مكانة الأحزاب المختلفة المشاركة في المجلس التشريعي، وهذا يعني عدم تفعيل الأغلبية والأقلية بل التوصل لشراكة تنسجم مع التأييد الشعبي لتلك الأحزاب.

الكاتب والمحلل السياسي عزيز العصا, رأى أن الخطاب إيجابي وفيه نوع من التفاؤل، وفيه نوع من التحدي للاحتلال، مبديًا تخوفه فيما يتعلق بحدود الدولة الفلسطينية التي تطالب بها السلطة.

وقال العصا لصحيفة "فلسطين": "الحقيقة أن الاحتلال لن يعطي الدولة الفلسطينية بالحدود التي نطلبها، ويجب أن نتهيأ لحالة الرفض من الاحتلال المدعوم من المنظومة الأوروبية والاستعمارية "، مستبعدًا أن يكون هناك حضور فلسطيني في المجتمع الدولي حال الذهاب إليه دون وحدة فلسطينية.

ورأى أن الظروف الموضوعية التي تمر بها القضية الفلسطينية وما تمر به فتح على انفراد وحماس كذلك، تتطلب التئام الحركتين، مبينًا أن الإقليمي بما فيه بعض الدول العربية و(إسرائيل) يريد المحافظة على حالة الشرذمة الفلسطينية.