بدا لافتا في تصريحات وبيانات وفيديوهات "كتيبة جنين" في الضفة الغربية المحتلة، حضور رسالة غزة ومنهج مقاومتها بقيادة كتائب القسام، وتوقيع أستاذ المقاومة يحيى السنوار "إن عدتم عدنا.. وإن زدتم زدنا".
"إن عدتم عدنا ... وأيادينا على الزناد" كلمات جاءت على لسان رئيس حركة حماس بغزة يحيى السنوار، كلمات تحمل رسالة المقاومة الفلسطينية؛ مفادها فرض معادلة ردع، والتحكم بزمام الصراع وإدارة ميدان المعركة، وهي المعادلة التي خضعت لها "إسرائيل" صاغرة وذليلة بعد أن أثبتت المقاومة في جميع الميادين أن هذه الكلمات ليست مجرد حديث في لحظة عنفوان.
هذا الالتحام في المنهج والعقيدة القتالية لدى الفلسطينيين في غزة والضفة انطلاقا من المستوى الشعبي وهتافات المتظاهرين في القدس المحتلة والشيخ جراح والنقب المحتل ومدن الضفة كافة لرأس حربة المقاومة في فلسطين محمد الضيف وليس انتهاء بتبني كتيبة جنين منهج السنوار وعقيدته القتالية، فقد أدى تضافر هذه العوامل، ولأول مرة منذ قيام الكيان، إلى خلخلة استقراره، ليس فقط على المستوى الأمني الذي لعبت المقاومة على وتره، وإنما أيضاً على مستوى تماسكه ووحدته الداخلية وتضعضع ثقة المستوطنين بصلابة ومتانة كيانهم المزعوم، زادها تعقيداً انضمام فلسطينيي 48 إلى إخوتهم في الضفة والقدس وغزة، ليعبروا دون خوف أو وجل عن دعمهم للمقاومة وحماس ولا ننسى هتافهم "احنا رجال محمد ضيف.....يا غزة يلا مشان الله".
نعم نجحت حماس في توجيه البوصلة الفلسطينية لتتعارك مع الاحتلال.. واستطاعت أن تثير كل فلسطينيي على هذه الأرض في وجهه، فقد اشتبك الداخل المحتل مع المستعمرين في اللد والناصرة وحيفا وأم الفحم والنقب والشيخ جراح وكل البلدات والمدن الفلسطينية محطمين بذلك كل سياسات الاحتلال لـ "أسرلتهم" ونزع انتمائهم الوطني وعزلهم عن محيطهم الفلسطيني، فخرجوا هاتفين للمقاومة وقياداتها في غزة.
ويمكن القول إن القضية الفلسطينية دخلت مرحلة جديدة تتمثل في توحيد الفعل الفلسطيني وتكامله في مواجهة عدو سعى طوال السنوات الماضية لتفتيت وحدته، وإخضاع شعبنا واقتلاعه من أرضه وجذوره وتهويد مقدساته.
نجحت غزة ومدرستها في المقاومة وامتدادها الجغرافي إلى مدن الضفة في إحباط مخططات العدو بالسيطرة والهيمنة، بل فرضت واقعاً جديداً كسرت فيه سطوة الاحتلال وأحبطت مخططاته في القدس والضفة وأحيت الآمال بالفكاك من السلطة والتنسيق الأمني والانطلاق نحو المقاومة بكل أشكالها في سبيل التحرير.
وهذا يعني أن كتيبة جنين وإخوانهم من المقاومين في الضفة الغربية الذين أطلقوا شعار السنوار "إن عدتم عدنا" قادرون على التصدي للكيان ميدانياً وفرملة خطواته واقتحاماته المتكررة للمدن الفلسطينية إجهازاً منهم على كل أشكال التنسيق الأمني.
فمشاهد هروب جنود الاحتلال في ناحل عوز باتت اليوم واقعا في جنين القسام، غير أن ما يحول بين أقدام مقاوميها في "كتيبة جنين" ودعس رؤوس جنود الاحتلال؛ عتبات التنسيق الأمني الذي بدأ يتبدد وهمه مع زخات الرصاص وحضور المقاومة اللافت في مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية والعنوان الأبرز جنين.
فمشهد هروب الاحتلال وصورته منبطحا على الأرض التي صاحبت أصوات دفقات الرصاص من المقاومة في جنين ومن قبلها نفير المقدسيين وانتفاضة الداخل المحتل والنقب تتلاقى مع مشهد توقف مسيرة الأعلام للمستوطنين الذين هرعوا إلى الملاجئ من أول دفقة صواريخ للقسام في غزة، وانتفاضة باب العامود تشيع شهداء جبل النار الثلاثة، وزئير رجال جنين ينتفض في باب الأسباط وملاحم بطولة غزة تؤذن للصلاة في باب المغاربة؛ لتتوقف معها صلوات المستوطنين واقتحاماتهم وينسحب الاحتلال بأثرها من جنين يجر أذيال الهزيمة وهو يحمل عار #سيف_القدس من براثن غزة، بعد أن قضت المقاومة على مخططاته.
وكما أعادت "إسرائيل" تحليل شخصية يحيى السنوار بعد عملية #سيف_القدس بالاستعانة بمختصين وخبراء في لغة الجسد وتحليل الكلام، فإنها اليوم أشد حاجة لإعادة تحليل واقع العمليات في الضفة الغربية والاستعانة ما أمكنها بخبراء الجيش والأمن وحتى خبراء التنسيق الأمني، وإن اتفق كلاهما على أن "السنوار شخصية يصعب "التنبؤ بها"، فإنها ستقر في قادم الأيام أن مقاومة الضفة المتصاعدة يُستعصى صدّها والتنبؤ بها.