لم يعد سراً أن دولة الاحتلال تواجه تهديدات كثيرة في مختلف الساحات، ولعل أجواء العدوان الأخير على غزة في مايو كشف عن فشل سلاح الجو بأكمله في إيقاف رشقات الصواريخ التي استهدفت الجبهة الداخلية الإسرائيلية تعد نموذجاً مصغراً مقارنة بما يصفها عدد من الجنرالات بـ"الكارثة" التي ستحدث في الحرب القادمة متعددة الجبهات، لأنها قد تشمل صواريخ دقيقة وكروز وعمليات خاصة، خاصة أن الحديث يدور عن تهديد جدي في الحرب القادمة متعددة الساحات، قد تندلع في وقت واحد، من لبنان وسوريا وغزة، والضفة الغربية، وانضمام فلسطينيي الـ48.
وقد شهدت الآونة الأخيرة إطلاق صواريخ من بعض الجبهات المحيطة بالاحتلال، لكن المستويات الأمنية والسياسية ظهرت محرجة منها، ولم ترد بقوة، خوفًا من اندلاع القتال مع حزب الله المزود بأكثر من 150 ألف صاروخ، و15 ألف من القذائف متعددة الأبعاد، وتغطي كامل أراضي فلسطين المحتلة، ومزودة برؤوس حربية بمئات الكيلوغرامات من المتفجرات.
هناك العديد من أضواء التحذير والإنذارات الساخنة التي تهدد الاحتلال، في حين قيادته الأمنية والسياسية تعاني من معضلة في إيجاد حلول تتعلق بالأضرار التي قد تلحق بالجبهة الداخلية في حال إطلاق 2500 صاروخ يوميًا، وتدمير 100 موقع يوميا، وفق ما تكشفه سيناريوهات الحرب القادمة، لأن نتيجتها تتمثل بزيادة ضغوط قوى المقاومة والدول المعادية.
إن حيازة الاحتلال للمنظومات الدفاعية قد لا تشكل الرد الكافي لمواجهة هذه التهديدات، رغم أن لديها صواريخ متعددة الطبقات، وتكلفتها فلكية بقيمة 3 ملايين دولار للصاروخ الواحد، وصاروخ القبة الحديدية بـ100 ألف دولار، وثبت أنه غير فعال ضد الصواريخ الدقيقة التي يتم إطلاقها من مئات الكيلومترات، مع أن الحرب القادمة متعددة الجبهات ستشهد إطلاق المئات من الصواريخ، نحو الشمال والوسط والجنوب، وفي وقت واحد، رغم محاولة الاحتلال كسب الوقت بالتصريحات عن جاهزيته لأي سيناريو.
تعتقد الأوساط العسكرية الإسرائيلية أنه بصرف النظر عن هذه التصريحات، التي تهدف برمتها لذر الرماد في أعين الجمهور، وكسب الوقت، على أمل ألا يحدث هذا السيناريو الكابوس خلال فترة ولايتهم، فلا توجد أعمال لتغيير الوضع الأمني غير المستقر، بما قد يحمي الإسرائيليين، والجيش لا يبدو جاهزا للحرب المتعددة في السنوات القادمة، وفق بعض المعطيات.
اللافت أن عدم الجهوزية المذكورة للجبهة الداخلية للحرب القادمة يترافق مع معرفة الجيش الدقيقة بحيازة القوى "المعادية" لمئات الطائرات بدون طيار، قد تصل أي نقطة في إسرائيل لدرجة إصابة نافذة منزل، مما يجعل افتقار الاحتلال لاستراتيجية واضحة للتعامل مع هذه التهديدات متسبباً بكارثة كبيرة عليه في الحرب القادمة.