شكل سقوط الطائرة الإسرائيلية بداية العام الجديد إثر أعطال تقنية فرصة لتسليط الضوء على طبيعة التطورات التي تعيشها التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية، ومدى مواكبته للتطورات العالمية، وأثره على حجم التقدم النوعي الذي تكتسبه منظومة التسلح في الجيش الإسرائيلي، خاصة طبيعة التنسيق الحاصل بين الوزارات ذات الاختصاص، كالتعليم، والتجارة، وجهاز التسلح في الجيش.
صحيح أن التحقيق العسكري الإسرائيلي في حادثة تحطم الطائرة لم ينته بعد، لكن من الواضح أن جهاز التسلح في الجيش الإسرائيلي يشير إلى وجود نقاط ضعف في المنظومة التعليمية التكنولوجية، وعدم مواكبته لآخر التطورات الحاصلة في هذا المجال لدى باقي جيوش العالم، رغم ما لدى جيش الاحتلال من قفزات نوعية في المسائل التقنية والتكنولوجية.
في الوقت ذاته، هناك حالة من الإقبال المتزايد من قبل الإسرائيليين المنخرطين حديثا في الخدمة العسكرية في الأقسام التكنولوجية والدوائر التقنية داخل الجيش، ما يوجد مسافة واسعة وشقة بعيدة بين حجم الاحتياجات المتزايد على القطاع التكنولوجي من جهة، ومن جهة أخرى حالة عدم الاهتمام من قبل قيادة الجيش بهذا القطاع الحيوي والمهم.
بجانب ذلك، يأتي حادث تحطم الطائرة الإسرائيلية في وقت باتت تنتشر فيه مصطلحات "الحروب التكنولوجية والمواجهات الرقمية"، التي سيتم الاستغناء فيها عن الجنود والمقاتلين بصورة كبيرة، والاستعاضة عنهم بأدوات "الهايتك والليزر والتحكم عن بعد"، وغيرها، مما يستدعي تقديم توصيات لصناع القرار في إسرائيل بضرورة تحديث أنظمة التعليم التكنولوجي في المدارس والجامعات، ورفدها بصورة دورية بهيئة الصناعات العسكرية والتسليحية التابعة للجيش الإسرائيلي.
ورغم التقدم الإسرائيلي في المجال التكنولوجي، لكن حادث تحطم الطائرة يقدم حقيقة جديدة مفادها أن هذا التقدم لا يشمل التكنولوجيا العسكرية، مما يترك آثاره السلبية وتبعاته الكارثية على الاقتصاد الإسرائيلي عموما، والجيش الإسرائيلي وجهاز التسلح فيه خصوصا، مع العلم أن القطاع التكنولوجي يعتبر واحدا من أهم وأخطر قطاعات التسلح في الجيش، سواء على صعيد الفعالية الإستراتيجية أو النوعية الهجومية للجيش أمام نظرائه من جيوش العالم، ولا سيما إذا علمنا أن نسبة الجنود المنخرطين فيه تصل إلى 15%، وهي نسبة متقدمة جدًّا.
بجانب ذلك، فإن الجيش ومنذ عقود عديدة يؤسس لعملياته القتالية ومواجهاته العسكرية على معطيات تكنولوجية وتقنية، ويرى نفسه ملزما بتأهيل الشبان تكنولوجياً في مرحلة ما قبل الخدمة العسكرية، ورفع مستواهم العلمي في المدارس والمعاهد العلمية من خلال أقسام ودوائر التعليم التكنولوجي في وزارة التربية والتعلم وغيرها من جهات الاختصاص، في ضوء التراجع المريع الذي شهدته السنوات الأخيرة في نسبة المجندين الجدد المؤهلين للتعليم التكنولوجي بنسبة 4.5% خلال العقد الأخير، فيما وصلت النسبة إلى 13%، لكنها تراجعت لتصل إلى نسبة 8% فقط.