فلسطين أون لاين

​في إصدارٍ جديد للكاتبة رشا فرحات

"لازم نتغير".. صرخة تفاؤل لبدء التغيير من النفس

...
الكاتبة والصحفية رشا فرحات مع كتابها "لازم نتغير"
حوار - مريم الشوبكي


صرخة التفاؤل التي دوت في نفسها في خضم الواقع البائس الذي تعيشه من بطالة وحروب وحصار وصعوبة لمّ الشمل بالمغتربين، كل هذه الأمور استنزفت ما استنزفت من نفوس الشباب الغزي، وكان دافعها نحو نقد هذا الواقع بشيءٍ من السخرية، داعية نفسها والجميع "لازم نتغير".

"لازم نتغير" كتاب للكاتبة والصحفية رشا فرحات والذي صدرت منه النسخة الأولى عن "دار سمير منصور للنشر"، ويتضمن الكتاب 300 صفحة جمعت فيها المقالات الأسبوعية في زاوية "لازم نتغير" التي كانت تنشر في صحيفة الرسالة على مدار أربع سنوات.

دعوة إلى التفاؤل

الصحفية فرحات مارست العمل الصحفي على مدار عشرين عامًا، والتحقت العمل في صحيفة الرسالة في 2011 كمذيعة في الراديو التابع لها، حيث قدمت برنامج "لازم نتغير" كدعوة منها إلى التفاؤل، ومن ثم صار مقالًا أسبوعيًا تنشره في الصحيفة، وفي عام 2014 أصدرت مجموعة قصصية بعنوان "قلم وفستان جديد وأشياء أخرى" عن "دار أوغاريت للنشر والتوزيع" في رام الله.

تحدثت فرحات لـ"فلسطين" عن المراحل التي مر بها الكتاب حتى صدوره : "راودتني فكرة منذ اللحظة التي عملت بها في راديو الرسالة بتقديم برنامج يدعو إلى التفاؤل باستخدام أساليب التنمية البشرية كحلول لكثير من المشاكل، وبحثتُ كثيرًا في الكتب ولكن للأسف كتاب التنمية البشرية الفلسطينيين قلائل للغاية".

وأضافت: "بعدها بدأتُ أفكر بكتابة مقالٍ ثابت في الصحيفة بنفس العنوان واستمررتُ لغاية أربع سنوات محافظةً على ذاتِ النفس في الكتابة، وبعدها خشيتُ على هذه المقالات من الضياع فرغبتُ في جمعها كلها في كتابٍ واحد".

وعن المصاعب التي واجهت فرحات حتى استطاعت أن تصدر "لازم نتغير"، قالت: "مُعوقاتٌ النشر كبيرة، وزارة الثقافة غير مجتهدة، فالانقسام جعل القانون منصوصًا على الورق ودون تطبيق، وهذا لم يجعلني أيأس لذا عرضتُ الكتاب على "دار سمير منصور" وفوجئتُ بسرعةِ ردهم وترحيبهم بنشر الكتاب".

غير شخصيتي

وأشارت إلى أن كتابها الذي أصدرته قبل ثلاث سنوات، لم يحصل على الانتشار المطلوب لأنه طُبع دون رقم إيداعٍ وحقوقٍ للكاتب، مما حال دون مشاركته في المعارض العربية والخارجية، ما جعل الكِتاب فقط غلافٌ وورق.

واستقت الكاتبة أفكارها من الواقع الذي تعيشه، من جلسةٍ عائلية أو محادثةٍ سمعتها في سيارة أجرة أو أحداثٍ عاشتها، فطرحتها في مقالها الأسبوعي بطريقة ساخرة آخذة بيد القارئ نحو حل القضية المطروحة.

وأكدت فرحات أن "لازم نتغير" غير شخصيتها نحو الأفضل، في بعض طباعها، أو في تعاملها مع الآخرين، وتعلمت كيف يمكنها الجمع بين صفتين متناقضتين؛ كيف تكون قوية ومتسامحة مثلًا.

وتأثرت فرحات باتخاذها أسلوب الكتابة الساخرة في مقالها أسوةً بكُتّابٍ أردنيين ومصريين، معربةً عن أسفها إزاء عدم وصول كتبهم إلى غزة، وأضافت: "أنا شخصيًا تأثرتُ بكتابات د. صلاح البردويل الذي برع في كتابة الساخر في ذات الصحيفة لمدةٍ من الزمن".

ولفتت فرحات إلى أن المواطن الفلسطيني بطبعه جاد الطباع، لذا فالناس عطشى لتقديم المشاكل بأسلوب ساخر مع إعطائهم دفعة أمل مرفقة بدعوة نحو "التغيير" يبدؤها الشخص بنفسه حتى يجد التغيير يعم مجتمعه.

وقالت فرحات: "تحدثت عن المغتربين؛ لا سيما أن أهلي في الغربة لم أرَهم منذ عشر سنوات، سألتهم هل يعيشون سعادة أكثر من أهل غزة، فلم أشعر أن قدر السعادة عندهم أكثر منا؛ فالجميع يعيش في شريعة الغاب، لذا استنتجت أن الرضا طبع والإنسان مطالب أن يبحث عن السعادة في نفسه".

صوتي أنا

هناك مقولة تقول "الكُتاب حينما يصلون إلى أعلى درجات الألم يكتبون بسخرية"، هذا ما طبقته الكاتبة على كمقالاتها، فهي دمجت السخرية بالجد وبالتأمل.

وفي معرض ردها عما إذا عرضت الكتاب على أحد الناقدين لنقده قبل الطباعة، أجابت فرحات: "في البداية ليس هناك كاتبٌ فلسطيني متخصص كي أعرض عليه كتابي، علاوةً على أن الكِتاب يلامس الشباب والشارع، ونحن بطبيعتنا شعب جدي".

وأضافت: "الكتابة صوت الكاتب والذي يتطور بتطوره ولكن ليس بانتقاد الآخرين، لذا أحببتُ أن يظهر صوتي كما أريد أنا".

واشتقت الكاتبة فرحات ردود فعلها على نشر الكتاب حينما أعلنت ذلك عبر صفحتها الشخصية على فيس بوك، فوجدت تفاعلا كبيرا من قبل متابعيها وحتى وسائل الإعلام وعللت هذا الاهتمام بأن نوع الكتابة الذي تقدمه جديد.

وعن الخطوة المقبلة للكاتبة فرحات بعد "لازم نتغير"، بينت أنها تتطلع بعد أن مارست تجربة في تنمية الذات هدفها في المقام الأول تغيير نفسها قبل تغيير المجتمع، فإنها تتوق إلى الكتابة عن تجربة الأمومة باعتبارها مرحلة صعبة للغاية؛ فأجمل مهمة بالنسبة لها أن تكوني أمًا؛ حسب قولها.

وأشارت إلى أنها ستتحدث عن الأمومة والأخطاء التي تقع فيها الأم في التربية، وكيف لها أن تتعامل مع أطفالها حسب طباعهم التي تختلف من طفلٍ إلى آخر، وعن الأم العاملة الناجحة التي لها مكانة في مجتمعها وتحسن التعامل مع أطفالها.