ذرف المزارع عبد الرحيم بني عودة الدموع بحرقة وهو ينظر إلى منزله بعدما أحالته آليات جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى كومة من الركام في قرية الجفتلك التابعة لمدينة أريحا شرقي الضفة الغربية المحتلة.
وهيمن الحزن بشدة على بني عودة (56 عامًا) وأفراد عائلته، وأصبحوا في العراء لا مأوى لهم على أثر الجريمة الإسرائيلية.
وقال بني عودة لصحيفة "فلسطين": إن الاحتلال لا يكف عن استهداف المواطنين وخاصة المزارعين في الجفتلك، الواقعة على بعد 30 كيلومترًا شمال مدينة أريحا وتتبع لها، وتبلغ مساحة أراضيها قرابة 1250 دونمًا، وعدد سكانها نحو 6000 مواطن، يعتمد غالبيّتهم على الزراعة كمهنة ومصدر دخل أساسي لعائلاتهم.
وتشهد القرية التي تعد جزءًا من منطقة الأغوار انتهاكات وإجراءات إسرائيلية محمومة، تهدف إلى الاستيلاء على أكبر مساحة منها لمصلحة التوسع الاستيطاني.
اقرأ أيضاً: الاحتلال يهدم منزلين في الأغوار والأهالي يؤكدون: "لن نرحل"
وتبلغ مساحة البيت الذي هدمته آليات الاحتلال 110 أمتار مربعة، ويتكون من طابق أرضي وكان يؤوي 9 أفراد.
وبين أن جيش الاحتلال داهم القرية وبدأ الهدم أمس دون سابق إنذار، وأضاف بني عودة الذي يملك وأشقاؤه قرابة 90 دونمًا: إن الاحتلال لا يريد أي وجود فلسطيني في منطقة الجفتلك، وهو يتعرض للمزارعين في مساكنهم وعملهم وقُوتِهم لتهجيرهم قسرًا.
ويسكن بني عودة في القرية منذ ما قبل نكبة 1948، التي هجرت بها العصابات الصهيونية مئات آلاف الفلسطينيين من مدنهم وقراهم.
وتابع بني عودة: إنَّ ما لدينا من أراضٍ ملك خالص لنا كفلسطينيين أصحاب هذه الأرض، ولا مكان للاحتلال هنا، وعليه الرحيل لا أن نرحل نحن، مستنكرًا في الوقت ذاته عجز السلطة في رام الله عن دعم صمود أهالي القرية وغيرها من قرى مدينة أريحا والأغوار المهددة بالتهويد والاستيلاء.
وطالب السلطة بالقيام بدور فعّال تجاه ما يرتكبه جيش الاحتلال من جرائم بحق المواطنين.
والانتهاكات في الجفتلك لا تتوقف على جنود الاحتلال فحسب، بل إن المستوطنين يشاركون فيها كذلك.
وذكر مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بتسيلم" أن (إسرائيل) مسؤولة عن ارتكاب جريمة حرب بتنفيذ ترانسفير (خطة لتهجير الفلسطينيين) في الضفة الغربية.
وأشار المركز في بيان له إلى أن 6 قرى فلسطينية على الأقل يضطر سكانها إلى الفرار من منازلهم بسبب رعب المستوطنين الذين يخدمون كيان الاحتلال.
كما أدان ممارسات المستوطنين التي أصبحت روتينًا مرعبًا لعشرات القرى الفلسطينية، وتشمل طرد الرعاة من حقولهم، والاعتداءات الجسدية على السكان، واقتحام منازلهم في جوف الليل، وجرائم الحرق، وتخويف الأغنام وإتلاف المحاصيل، والسرقات، وسد الطرق، وتدمير خزانات المياه.
وأكد "بتسيلم" أن المستوطنين يمارسون هذه الانتهاكات دون وجود حماية للفلسطينيين، من أجل خدمة كيان الاحتلال وبتشجيع منه.
بدوره أكد مدير وحدة مراقبة الاستيطان في معهد الأبحاث التطبيقية "أريج" سهيل خليلية تسارع جرائم التهويد والاستيطان في الأغوار تسارعًا كبيرًا، مع مرافقة ذلك تنفيذ أوامر هدم وفرض قوانين جائرة على المواطنين خاصة في المناطق البدوية والرعوية والزراعية.
وأضاف خليلية لـ"فلسطين" أن الاحتلال يريد الحد من الوجود الفلسطيني بل منعه في الأغوار، وهو يسعى لهذا الهدف منذ إكمال احتلالِه للضفة الغربية سنة 1967.
وتعمّد الاحتلال عزل وتهجير منطقة الأغوار -إحدى المناطق الأكثر اكتظاظًا بالسكان الفلسطينيين- وتشريد أكثر من 50 ألف مواطن، في حين تبقى 65 ألف مواطن في جميع المناطق فيها، يسكن العدد الأكبر منهم في مدينة أريحا والقرى المحيطة بها، بحسب خليلية.
ولفت إلى أنه بعد اتفاقيات "أوسلو" المشؤومة التي وقعتها منظمة التحرير مع الاحتلال، تبقى من الأغوار أقل القليل تحت حكم السلطة، ولا تسمح سلطات الاحتلال تحت أي ظرف توسعة المناطق العمرانية الفلسطينية، بل تمارس الهدم والتهجير باستمرار بهدف إخلاء القرى والبلدات القائمة على الزراعة مثل الجفتلك وفصايل، وغيرهما.
وأضاف أن استهداف الاحتلال الأراضي الزراعية والحياة الرعوية يأتي للحيلولة دون استمرارها لما يرافقها من توسع عمراني فلسطيني.
وأكد أن انتهاكات الاحتلال تدفع الشباب الفلسطيني للجوء إلى مناطق أخرى في الأغوار أو خارجها، وهذا الهدف الأكبر له، ويتمثل بتشتيت الوجود الفلسطيني شرق الضفة الغربية، منعًا لتطور مجتمعنا عمرانيًا وزراعيًّا.