ما زالت زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت للإمارات العربية المتحدة، تترك آثارها على النقاشات السياسية والأمنية الإسرائيلية، لمعرفة آثارها وتبعاتها المترتبة عليها، آنيًّا وإستراتيجيًّا، وفي جميع المجالات: السياسية والأمنية والاقتصادية والعسكرية، في ضوء أنها الزيارة "العلنية" الأولى لزعيم لدولة الاحتلال لهذه الدولة العربية.
لعل ما يزيد حدة النقاشات الإسرائيلية حول زيارة بينيت إلى أبوظبي، تزامنها مع التطورات الميدانية المتصاعدة في المنطقة، ولا سيما بين إيران والاحتلال، وما يصدر من تهديدات متبادلة بينهما، والتقارب الجاري بين أبوظبي وطهران؛ ما أثار قلق (تل أبيب).
لكن اللافت أن هذه الزيارة "التاريخية" للإمارات، مرت بهدوء نسبي؛ ما يؤكد أن قصة العلاقات الإسرائيلية الإماراتية مثيرة للاهتمام ومهمة، لأنها تكشف عن تعقيد ساحة الشرق الأوسط، وتؤكد للإسرائيليين أن كل من يريد تقسيم المنطقة لمصلحتهم أو ضدهم، يجد نفسه مندهشًا من التطور السياسي للاعبين في منطقة الخليج تحديدا.
يكشف عام واحد فقط من التطبيع الإسرائيلي الإماراتي كم أنه تطور بوتيرة مذهلة، فقد شهدت الإمارات 70 لقاء ونشاطا واتفاقية مشتركة مع نظيرتها الإسرائيلية، في المجالات الدبلوماسية والاقتصادية والتكنولوجيا والطاقة والصحة والسياحة والطيران والتجارة المتبادلة وعلاقة منظمات المجتمع المدني، بجانب التعاون الأمني والاستخباري.
ويمكن القول إن زيارة بينيت توجت عاما كاملا من إقامة الإمارات والاحتلال لعلاقات دبلوماسية، وعقد اجتماعات سياسية، وتوقيع العديد من المعاملات بين البنوك والشركات في مجالات الاقتصاد والتجارة والتكنولوجيا والبيئة والطاقة والصحة والسياحة والطيران، وتوقيع 20 اتفاقية بين منظمات المجتمع المدني.
بلغة الأرقام، ووفقًا لتقديرات مختلفة، اقتربت قيمة التجارة المتبادلة في العام الأول بين (تل أبيب) وأبوظبي من مليار دولار، مع مزاعم إسرائيلية بأن الإمارات لها مصلحة في تعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي مع دولة الاحتلال لمواجهة التحدي النووي والباليستي الإيراني، فضلًا عن الاستفادة من الابتكارات التكنولوجية الإسرائيلية؛ ما جعل من زيارة بينيت تعبيرًا عن رغبة بالتعاون الواسع بينهما، وفي نفس الوقت تعزيزه.
في الوقت ذاته، فإنه مع توقيع اتفاقية التطبيع، رأت (إسرائيل) في الإمارات العربية المتحدة حليفة في الحرب ضد إيران النووية، وهو ما يمكن التعبير عنه في دعم هادئ لهجومها إذا اقتضت الظروف ذلك، لكن التطورات الأخيرة في علاقات الإمارات مع إيران وتركيا قد توحي ببرود أو اعتدال في موقفها من الملف النووي، وفي هذه الحالة قد تشكل اتفاقية التطبيع قيدًا فيما يتعلق بالعمل الإسرائيلي المستقل إذا كان سيلحق ضررًا كبيرًا بالعلاقات الإسرائيلية الإماراتية.