فلسطين أون لاين

ويجتهدون لتكرار ختم القرآن

​في الهند يتبادل الصائمون "سامية"

...
مسلمون في الهند يؤدون صلاة الجمعةالأخيرة في رمضان - ( أ ف ب)
حدثتها من غزة - رنا الشرافي

لكل بلد طقوسه الرمضانية المختلفة، والهند ليست سوى واحدة من تلك الدول، ومع ما فيها من تعدد عرقي ولغوي كبير إن لشهر رمضان فيها طقوسًا جميلة تحدثنا عنها مفاز أحمد يوسف.

مفاز فتاة فلسطينية تخرجت في قسم الصحافة والإعلام بالجامعة الإسلامية، وأتمت دراسة الماجستير في العلاقات الدولية من الجامعة الملية الإسلامية بنيودلهي، وتعمل حاليًّا مديرًا تنفيذيًّا في مؤسسة (إندوبال)، وهي مؤسسة ترمي إلى تسليط الضوء على القضية الفلسطينية، والعمل على رسم الصورة الصحيحة لفلسطين.

"أم عرفات"

عن نفسها قالت "يوسف": "غادرت قطاع غزة في ديسمبر سنة 2013م، تزوجت هنا ورزقني الله طفلي عرفات، أما شهر رمضان فهو أكثر شهر يشعرني بالغربة، لأنني أفتقد فيه الأجواء الجميلة في غزة، وأحن إلى فانوس يغني لي (حالو يا حالو) فأفرح به".

وتابعت: "حتى إنني أشتاق إلى "سلكة الجلي" التي تضفي نكهة خاصة على أجواء رمضان المكتظة بأصناف الطعام المختلفة، التي تحتاج آنيتها إلى تلك السلكة لتنظيفها، في الهند الأجواء تختلف قليلًا عن غزة، وإن كنت لا أشعر بهذه الأجواء".

واستطردت: "هنا تجد السوق تعج بالناس ليلة رمضان، فترى ازدحامًا شديدًا تشهده المجتمعات المسلمة لاشتراء احتياجات رمضان، أما الزينة فعبارة عن مصابيح ملونة تعلق في الحارات، وتوزع مصاحف صغيرة بالمسجد في الليلة الأولى من التراويح، وتتلى أدعية رمضانية لتشجيع الناس على العبادة والدعاء".

أحن إلى المسحراتي

وعن صلاة التراويح قالت يوسف: "هنا لها رونق خاص، و99% من الهنود المسلمين يحرصون على صلاتها، منهم من يصلي التراويح وقيام الليل ليعمل جاهدًا على ختم القرآن في ثلاثة أيام، ومنهم من يخصص الأيام العشر الأولى من رمضان لختمه".

وذكرت أن الأطفال يجلسون في حلقات بالمساجد يتلون القرآن بعد صلاة العصر، وتوزع الحلوى عليهم عند انتهائهم من ذلك، أما وقت أذان المغرب فيوزع الطعام والتمر على المصلين قبل انصرافهم إلى بيوتهم، ومن لم يستطع تأمين إفطاره فالمسجد يخصص مبلغًا لإطعام المحتاجين.

"أما وقت السحور فيبدأ الساعة الثالثة، أفتقد صوت المسحراتي في حارتنا، وأتمنى أن أستيقظ على صوته يومًا، مع أنني كنت أنزعج من صوته، أما هنا فيوجد نظام لتنبيه الناس إلى موعد السحور، وهو عبارة عن صوت يشبه صوت صفارات الإنذار في تل الربيع (تل أبيب بتسمية المحتل)، يستمر مدة ثلاثين ثانية، ثم يلحق به صوت المؤذن ليذكرنا بأن نصف ساعة متبقية للإمساك" أضافت يوسف.

وتابعت: "الحياة الاجتماعية جميلة جدًّا في رمضان، تبادل الأطباق بين الجارات أمر لابد منه، أما أنا فلا أكاد ألتقي جيراني، نظرًا لانشغال الجميع في عمله وحياته، ولكن في رمضان نخصص يومًا لزيارتهم ونهنئهم بالشهر الكريم".

أما عن ليلة رمضان الأولى فتقول: "فيها توزع أطباق حلوى تسمى "سامية"، وهي تشبه الشعيرية إلى حد ما"، مشيرة إلى أن ولائم رمضان التي تتبادل إقامتها والدعوة إليها العائلات العربية هي ما يشعر مفاز بأجواء رمضان.

وبينت مفاز أن دعوة الإفطار التي توجهها إليها السفارة الفلسطينية في حضور الجالية الفلسطينية كافة هي أكثر ما يسعدها، وأنها بمنزلة يوم العيد، وعنها قالت: "نلتقي، ونتناول أطراف الحديث باللغة العربية التي أشتاق إليها في كثير من الأحيان".

قولوا لأمي

شهر رمضان الحالي كيف تمضي أيامه مفاز؟، قالت: "أول يوم كان هو الأصعب علي، لأني كنت على أمل أن أقضي هذا الشهر بين أهلي وأحبابي، ولكن معبر مصر حال دون وصولي".

واسترسلت: "كنت دائمة الاتصال بأهلي مؤكدة فرحتي بقرب الوقت، وكنت أقول لهم ممازحة: "حضروا لي صواني المفتول وصحون الملوخية"، ولكن _يا للأسف!_ أتى رمضان وأوشك أن ينقضي ومازلت أنتظر فتح المعبر".

وفي ختام حديثها معنا قدمت لنا مفاز رسالة قصيرة كانت قد كتبتها لوالدتها، تقول فيها: "قولوا لأمي إن غيابها يؤلمني، 4 سنوات مضت لا طعم لرمضان ولا لون لسفرتي، قولوا لأمي إني أشتهي أن أكون بينهم، قولوا لها إنني اشتقت وأتعبني البعد، قولوا لها إن البعد عنها نار والقرب منها جنة، قولوا لها إن زهرتها ذبلت وشاخ بها الحنين، قولوا لها إن ابنتها ما عاد شيء يفرحها إلا رؤيتها، أخجل من دمعاتي حينما تسقط فجأة حينما أرى طيفك أمامي، ويسألني الحاضرون: "ما بك؟"، فأضطر أن أكذب يا أمي، وأقول إن النعس أدمعني، أنت نعمتي في الحياة ولا حياة في البعد عنك ولا نعمة، سحقًا للمعابر والحدود التي حالت بيني وبين حضنك، أحبك أمي".