يمثل محمد دحلان تيارًا داخل حركة فتح وزنه يقل أو يزيد على 29%، وهذه النسبة مستمدة من حجم كتلة فتح البرلمانية في المجلس التشريعي وعددها (43 مقعدًا)، خمسة عشر يتبعون للتيار الإصلاحي (تيار دحلان).
يمتلك النائب محمد دحلان علاقات جيدة مع الرباعية العربية، وقد تبنت الأخيرة خارطة طريق للمصالحة بين الرئيس محمود عباس وبين محمد دحلان وصولاً للمصالحة مع حماس، ولكن عباس أفشل تلك الجهود، وبدأ عباس باتخاذ خطواته غير المسبوقة تجاه قطاع غزة، ليضيف للحصار المفروض على القطاع حلقات جديدة، وصلت إلى درجة تجاوز الأعراف الوطنية والأخلاقية والإنسانية مثل: قطع رواتب المحررين، ووقف التحويلات المرضية (السرطان)، والخصومات على موظفي غزة مقابل تعيينات وزيادات في رواتب زملائهم بالضفة المحتلة... إلخ.
ما سبق ساهم في انطلاق حوار جاد بين التيار الإصلاحي وبين حماس، ليس على قاعدة لجنة التكافل وضخ المساعدات فقط، بل على قاعدة أعم وأشمل تقوم على تقييم المرحلة ومراجعة الذات، وتعزيز الشراكة والمشاركة والاحترام المتبادل، وعلى قاعدة دراسة التجارب التاريخية للحروب الأهلية في العالم، وكيف تم تجاوزها، فالكل مؤمن بضرورة المصالحة المجتمعية وإعادة الحقوق لأصحابها، والعمل على إنقاذ غزة، والمشروع الوطني على قاعدة إنهاء الانقسام لا الانفصال.
بدأ الحوار بالقاهرة وفي قطاع غزة، وعقدت ورشات تفاكر شارك فيها نخب فكرية وسياسية من الطرفين ومن المستقلين، إلى أن نضجت تلك الأفكار لتتحول لبرامج عمل خلال زيارة رئيس حركة حماس بقطاع غزة يحيى السنوار والوفد المرافق للقاهرة ولقائهم بالمخابرات المصرية وبقيادة التيار الإصلاحي لفتح.
تمخضت عن لقاءات القاهرة تفاهمات تؤسس لمرحلة جديدة قد تنجح في تجاوز الانقسام، والتخفيف من الحصار تقوم على ما يلي:
- العمل المشترك على توحيد النظام السياسي الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، بما يعزز من صمود شعبنا في مواجهة التحديات التي يفرضها الاحتلال بإجراءاته التهويدية في القدس والمستوطنات والحواجز والجدار.
- العمل بشكل سريع على التخفيف من مشكلة الكهرباء من خلال شراء سلطة الطاقة في غزة مليون لتر سولار بالسعر الدولي لتشغيل محطة التوليد، وهذا يساهم في عودة جدول الـ 8 ساعات (الدفعة الأولى ستصل قبل عيد الفطر)، إلى حين العمل على وضع حلول جذرية للأزمة.
- فتح معبر رفح البري للأفراد والبضائع بشكل متقارب على أن يبدأ التنفيذ بعد شهرين تقريباً.
- تشكيل لجنتيْ التكافل والمصالحة المجتمعية وتخصيص صناديق مالية لإنجاح مهامهما في تحقيق التنمية والتخفيف من البطالة، وإنهاء تداعيات الانقسام.
- عودة تدريجية مرتبطة بتقدم ملف المصالحة المجتمعية لقيادات التيار الإصلاحي إلى قطاع غزة، والسماح لهم بالعمل السياسي والمجتمعي داخل القطاع وفق القانون والنظام.
- أن تعمل حركة حماس على تكثيف الجهود في ضبط منطقة الحدود مع مصر.
تلك التفاهمات التي ينتظرها المواطن الفلسطيني، تواجه تحديات مهمة ينبغي الوقوف أمامها، على سبيل المثال:
- رفض السلطة الفلسطينية لما يجري وقد تعمل بكل ما أوتيت من أدوات سياسية ودبلوماسية لتعطيلها وإفشالها.
- ب. ما يجري بالإقليم من اصطفافات على خلفية الأزمة الخليجية الأخيرة.
الخلاصة: منذ اللحظة الأولى لصدور بعض التسريبات حول التفاهمات بين حماس والقاهرة والتيار الإصلاحي لحركة فتح، عاد الأمل من جديد للشارع الفلسطيني، وهو ما يؤكد بأن حاضنة شعبية كبيرة ستتشكل لحماية تلك التفاهمات وأعتقد أنها الوحيدة التي تستطيع تجاوز التحديات التي قد تفرضها السلطة الفلسطينية أو التشابكات الإقليمية والدولية.