فلسطين أون لاين

​تكية نابلس الخيرية ملاذ الفقراء في شهر الصيام

...
نابلس - فلسطين

كخلية النحل يعمل جيش من المتطوعين جلهم من الشباب، الذين وجدوا تكية نابلس الخيرية مكانًا يلبي رغبتهم الإنسانية بمساعدة الفقراء والمحتاجين في شهر الصيام، وتقديم ما يحتاجون له من وجبات طعام طالما فقدت على موائدهم نتيجة فقرهم.

ويعود تاريخ إنشاء تلك التكية والبدء الفعلي في عملها بالمدينة إلى عام 2012م، إذ اتخذت أحد المباني في منطقة الجبل الشمالي القريبة من مركز المدينة مقرًّا لها، لتصبح فيما بعد قبلة للجائعين والمحتاجين.

صحيفة "فلسطين" التقت عماد اللحام العامل في لجنة زكاة نابلس والمشرف على تكية نابلس الخيرية، ووقفت على طبيعة عمل التكية وتفاصيله كافة، ومصادر تمويلها، ورسالتها.

وقال اللحام في مستهل حديثه: "إن فكرة تكية نابلس الخيرية انبثقت من فكرة موائد الرحمن التي كانت تنفذها في مدينة نابلس عمومًا، والبلدة القديمة على وجه الخصوص بعض المؤسسات والجمعيات، فدرست فكرة إنشاء تكية وإيجاد مكان خاص لخدمة الفقراء والتخفيف عنهم، وتوفير ما يحتاجون له من الطعام خلال رمضان وغيره".

وذكر اللحام أن مهمة إعداد الطعام يقوم بها العديد من الطباخين والمساعدين الذين يعملون موظفين، إلى جانب ذلك يوجد العشرات من المتطوعين من الهلال الأحمر والمؤسسات والطلبة الجامعيين، وأكمل: "نحضر ما لا يقل عن 1200 وجبة توزع ساخنة، بالتنسيق والتعاون مع لجنة زكاة نابلس والشؤون الاجتماعية، ولا نرد أي شخص يطرق بابنا".

ولا تقتصر مهمة المتطوعين فقط على إعداد الطعام، فإنهم أيضًا يوصلون الوجبات إلى المحتاجين، ويقترحون أسماء بعض العائلات المعوزة.

يبدأ العمل في التكية منذ الساعة 8 صباحًا وتتحول التكية إلى خلية من النحل يتشارك بها الجميع في تجهيز الوجبات، وفي حدود الساعة الثانية ظهرًا تكون أصناف الطعام المقررة قد جهزت، ثم يبدأ العمل على تعليبها ووضعها في أوعية خاصة حتى ينطلق المتطوعون إلى توزيعها.

وعن البيئة الجغرافية المستهدفة قال: "هناك عائلات في المدينة والمخيمات والقرى تستفيد من وجبات تكية نابلس، حيث توزع الوجبات بناء على عدد أفراد الأسرة، فكل فرد يحصل على وجبة تكفيه، وعادة تتكون من قطعة الدجاج أو اللحم، وكمية من الأرز، وأحد أنواع الشوربات".

وأضاف: "كثير من المتبرعين _ولاسيما أهل الخير والمؤسسات والتجار_ يقدمون ما تجود به أنفسهم من مواد عينية أو مبالغ مالية للتكية، ويشترطون عدم البوح بأسمائهم والإبقاء على عملهم خالصًا لوجه الله الكريم".

نجحت تكية نابلس في رسم الابتسامة على شفاه أطفال الفقراء، الذين لا يترددون في طرق باب التكية، طالبين إعطاءهم الطعام كونهم يعيشون في ظروف اقتصادية صعبة، وأكمل: "نسعى إلى الحفاظ على كرامة الفقراء والمحتاجين، ومجرد أن نعلم بأن هناك عائلة محتاجة نطلب من السائل أن يلتزم مكانه ونحن من نوصلها إليه، إن استطعنا".

ولفت اللحام إلى أن تكية نابلس الخيرية تعمل طوال العام، لكن زخم إنتاجها والإقبال عليها يكون في شهر رمضان المبارك، وتابع: "نعد في الأيام الأولى من شهر الخير ما لا يقل عن 1200 وجبة، تصل في منتصف رمضان ونهايته إلى ما لا يقل عن 1700 وجبة".

وبدوره بين الشاب محمد الخاروف أحد المتطوعين العاملين في تكية نابلس الخيرية أن التطوع في هذا المجال جعله يشعر بعظم رسائل الخير ومساعدة الفقراء.

وقال: "كنت أعتقد أنه لا يوجد فقراء في مجتمعنا، ولكن ما رأيته جعلني أشعر بالحزن على واقع كثير من العائلات، وفي الوقت نفسه كان حافزًا لي على تقديم المساعدة لهم، والتطوع بالعمل في هذه التكية وتقديم الخير للناس الفقراء".

وتابع الخاروف: "هناك ما لا يقل عن 30 شابًّا يعملون يوميًّا في التكية متطوعين للمساعدة في إعداد الوجبات وتحضيرها، ثم توزيعها على الفقراء، إن لزم الأمر"، لافتًا إلى أن التكية اعتذرت إلى بعض المتطوعين عن استغنائها عنهم لكثرتهم.

وختم: "من المعاني الإنسانية الرائعة التي وجدتها في التكية تهافت وتدافع الشباب حتى الأطفال على التطوع والعمل فيها، ومساعدتنا على إسعاد الفقراء، ورسم الابتسامة على وجوههم التي أرهقها الفقر".