لا يدخر شباب الضفة الغربية جهداً في الوقوف أمام شبح البطالة؛ ففي كل فرصةٍ متاحة تجدهم يبحثون عن وسائل رزق تضمن لهم دخلاً بسيطاً يُؤمّن لقمة عيشهم؛ في ظل ركود اقتصاديٍ خانق.
ويعد جمع العلب البلاستيكية من الطرق الالتفافية التي يسلكها المستوطنون؛ مصدر رزق جديدًا للكثير من الشباب في قرى الضفة؛ غير آبهين بمخاطر قطعان المستوطنين.
فهذا الشاب محسن صنوبر من قرية "يتما" جنوب مدينة نابلس يخرج كل صباح باكر قبل موعد شروق الشمس؛ ليجمع العلب البلاستيكية ومن ثم يبيعها للتجار كي يكسب من عرق جبينه حفنة من النقود.
وقال صنوبر: "نعمل في اليوم ست ساعات من السادسة صباحًا حتى الثانية عشرة؛ وبطبيعة الحال نعيش في أجواء رعبٍ، لأن هذا العمل يجعلنا عرضةً للدهس من المستوطنين؛ ناهيك عن تعامد الشمس فوق رؤوسنا؛ وذلك من أجل جمع ألف علبة بلاستيكية وبيعها بـ50 شيقلًا، لأعود إلى البيت منهكًا".
وأضاف أنه يخرج مع صديقه؛ ليتولى كل منهما جانباً من الطريق بشكلٍ مُوازٍ، فحسب تجربته؛ جمع العلب يحتاج إلى رفيق درب خوفًا من حدوث أي مكروه؛ سائراً مع صاحبه مسافة عدة كيلومترات حتى يتسنى له جمع العدد المطلوب؛ ثم يقومان لاحقاً بفرز العلب إلى مجموعات حتى يسهل عدها وبيعها.
وعن السبب الذي دفعه لاختيارٍ محفوفٍ بالخطر: "ماذا بوسعي أن أفعل؛ لا توجد فرص عمل نستطيع من خلالها سد رمق عائلاتنا بعد أن أغلق الاحتلال علينا كل المنافذ؛ فلم يعد بإمكاننا التسلل الى داخل الورش الإسرائيلية في الداخل المحتل؛ لأن من يجرؤ على ذلك يعرض نفسه للسجن والغرامة والضرب وقد يكون إطلاق الرصاص، لذا أفضّل أنا وصديقي العمل على جمع العلب وتأمين "يومية" بقيمة 50 شيقلًا؛ بدلاً من المجازفة لأجل كسب الكثير من النقود من العمل في الورش الإسرائيلية".
ويعقب التاجر خيري صنوبر: "أشتري منهم ألف علبة بـ50 شيقلا ثم أقوم ببيعها بـ70 شيقلا، إن عملهم شاق وخطير ولكن انظروا من حولنا هل من بديل!".
وفي محافظة قلقيلية أيضاً تكثر الطرق الالتفافية ويرى فيها العديد من الشباب فرصة لجمع العلب البلاستيكية والحديدية بشكل يومي.
يقول الشاب عماد اخليف: "أعتقد أن الخطر الحقيقي في هذا العمل هو أن الأطفال قد يقومون بعملية الجمع، فهم ليسوا كالكبار يمكنهم التنبه إلى أي خطر قادم لا سيما من المستوطنين الذين لا يؤمن شرهم في حال اعتدوا عليهم أو قتلوهم".
من جانبه، قال محمد زيد الناشط في مقاومة الجدار والاستيطان لـــ"فلسطين":" ظروف عمل قاسية يعايشها هؤلاء الشباب على الطرق الالتفافية، فهم هدفٌ سهل لقطعان المستوطنين سواء بضربهم أو قتلهم أو دهسهم، إذ تتكرر حوادث الدهس للفلسطينيين على هذه الطرق، ويمكن قتلهم بسهولة بذريعة "الشبهة الأمنية".
وأضاف الناشط زيد: "علينا حماية هؤلاء الشباب وتوفير فرص عمل لهم؛ وإبعادهم عن هذه الطرقات، فالمستوطنين يمكن أن يستفردوا بهم بسهولة؛ فضلًا عن أن جنود الاحتلال لن يترددوا بإطلاق النار عليهم فور رؤيتهم".

