فلسطين أون لاين

​اللاجئ أبو ماهر: رمضان في قريتي المهجرة منقوش في ذاكرتي

...
قلقيلية - مصطفى صبري

مع حلول شهر رمضان يتذكر اللاجئ نبيل ولويل "أبو ماهر" (75 عامًا، من قلقيلية) شهر رمضان في قريته كفر سابا في الـ(48)، القريبة من قلقيلية والتي هدمت وأقيمت على أنقاضها مدينة (كفار سابا) اليهودية، وكيف كان السحور وتناول التين المجفف (القطين)، وحليب الأبقار، والزبيب.

يصف أبو ماهر شهر الصيام في قريته المدمرة كفر سابا: "رمضان كان جميلًا في قريتنا كفر سابا، ولم يكن اليهود لهم سيطرة على الأرض، بل كان الانتداب البريطاني يقوم بدوره في تقوية اليهود وعصاباتهم حتى لحظة إقامة دولة لهم".

يتحدث اللاجئ ولويل عن شجرة التين في منزلهم، ويقول: "كانت هناك شجرة تين أمام منزلنا نعمل منها القطين كي نأكله في فصل الشتاء، وكنا نتسحر على القطين حسب ما أذكر، وعلى حليب الأبقار والجبن واللبن، فكل شيء كان من إنتاجنا المحلي، أما اليوم فلا شيء من إنتاجنا، نعيش على صناعة الآخرين، ولما كنا فقراء في أرضنا كنا نعيش مرحلة الاكتفاء الذاتي، وكانت المستعمرات اليهودية المقامة بالقرب منا تشتري من منتجاتنا، أما اليوم فنستهلك كل منتجاتهم وندعمهم اقتصاديًّا وهم يحتلون أرضنا وشعبنا".

حياة هادئة

يصف أبو ماهر حياة أهالي قرية كفر سابا المهجرة بالهادئة والرغيدة، ويقول: "كنا نسهر معًا، وكانت أناشيد رمضان الشعبية مثل: "لا أوحش الله منك يا رمضان يا شهر الصيام والقيام" يرددها الجميع داخل مسجد القرية الصغير، وكان يأتي من القرى المجاورة المقرئون من ذوي الأصوات الندية لقراءة القرآن، فهذه هي الوسائل المتاحة للاحتفال برمضان".

ويضيف: "أذكر أن المسحراتي الذي يحمل طبلة كان يردد: "يا نايم وحد الدايم"، وكنا نجتمع قبل أذان المغرب عند المسجد استعدادًا إلى استقبال الإفطار، وكان أهالي قريتنا يرسلون الطعام إلى المسجد لإفطار أي شخص مسافر يلجأ إلى المسجد للصلاة والإفطار، وهذا من علامات التكافل الاجتماعي".

يستطرد المواطن ولويل قائلًا: "من الأناشيد التي كنا نقولها ونحن صغار عندما يقترب رمضان من الانتهاء: (مات مات رمضان، لا والله سلامته)".

الاحتكاك باليهود

يستذكر أبو ماهر مضايقات اليهود المستوطنين القاطنين بمستعمرة (سبيه) المجاورة لقريته كفر سابا، ويقول: "كنا على احتكاك دائم باليهود المستوطنين في أرضنا، واستشهد عمي سعيد ولويل برصاصهم، وكان رمضان في بعض لياليه الجميلة يعكر صفوه اعتداءات العصابات اليهودية على المواطنين من أبناء القرية في أثناء توجههم إلى حقولهم وقت السحور، وقد حدثني والدي الذي كان مختارًا للقرية عن حوادث محزنة لعدد من العائلات الفلسطينية التي وقعت ضحية إرهاب الصهاينة".

ويصف العصابات الصهيونية قائلًا: "كان أفراد هذه العصابات يهددون بهتك عرض نساء القرية في داخل الحقول، إذا لم يهاجر أهالي قرية كفر سابا منها، وكانت بعض النساء تضع على وجهها رماد النار الأسود حتى تظهر كبيرة في السن وغير جميلة، خوفًا من ملاحقات أفراد العصابات اليهودية".

ويضيف: "لدفع الأخطار الناجمة عن مهاجمة أفراد العصابات اليهودية للمزارعين في حقولهم كان التوجه لدى الأهالي _وخصوصًا في شهر رمضان إذ يخرجون إلى حقولهم وقت السحر_ أن يكونوا مجموعات، ومعهم أسلحة وعدد من الشباب لحمايتهم، فكان الأقوياء من شباب القرية يتطوعون لحماية الأهالي في الحقول".

وفي نهاية حديثه يقول أبو ماهر: "في كل شهر رمضان أتذكر قرية كفر سابا قريتنا العزيزة على قلبي، وأُصبح شارد الذهن عند الفطور، وأستذكر والدي ومسجد القرية والمسحراتي، وعمي الشهيد برصاص العصابات اليهودية".