بضغوط من رئاسة السلطة نجح عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ورئيس الشؤون المدنية في السلطة حسين الشيخ من الوصول لاتفاق مع الاحتلال وعلى وجه الخصوص مع الجنرال يوآف مردخاي منسق ما يسمى بـ"المناطق"، يقضي بوقف الخصم من المقاصة الضريبية التي تجبى من قطاع غزة مقابل الكهرباء التي تمنح لقطاع غزة عبر الخط 161، ورغم حالة الجدل داخل المؤسسة الأمنية والسياسية في تل أبيب، إلا أن الكابنيت الإسرائيلي (المجلس الوزاري المصغر) اتخذ قراراً يقضي بتقليص 15% من الكهرباء التي تصل للقطاع من دولة الاحتلال، وهذا سينعكس على ساعات الوصل التي قد تتقلص ساعة واحدة ويصبح المشهد في قطاع غزة من أربع ساعات وصل إلى ثلاث ساعات، وهو ما ينذر بكارثة إنسانية وبيئية ويزيد من فرص انفجار الأوضاع في القطاع.
لماذا يصمت المجتمع الدولي على تلك الإجراءات؟ وما هو موقف القانون الدولي من تلك الإجراءات؟ وما هي فرص اندلاع مواجهة مع دولة الاحتلال بسبب تلك الحماقات؟
بعد كل عدوان صهيوني على قطاع غزة كانت تعقد مؤتمرات الدول المانحة وتقر مليارات الدولارات لمشاريع إعادة الإعمار، وهذه التكلفة الكبيرة التي يدفعها المجتمع الدولي ربما لو تم تقديم بعض من تلك المبالغ فربما تنهي معاناة المدنيين في قطاع غزة، فقطاع الطاقة بحاجة لمشاريع تطويرية وإرادة سياسية لإنهاء أزمة الكهرباء من خلال زيادة المصادر وتنوعها، فقرارات (إسرائيل) الأخيرة ترفع من وتيرة الانفجار الشعبي وقد تتدحرج كرة الثلج لاشتباك مسلح يخسر فيه الجميع بشرياً واقتصادياً وقانونياً وسياسياً، وسيلتئم المانحون لتقديم المساعدات والمنح وإعادة الاعمار، أما لو تدخل المجتمع الدولي مبكراً فربما يتم انقاذ ما يمكن انقاذه، وهو ما يساهم في أمن واستقرار المنطقة.
هناك وجه آخر للتدخل من قبل المجتمع الدولي، وهو الضغط على الاحتلال لتوضيح موقفه بشكل كامل من قطاع غزة، هل القطاع إقليم محرر لا يخضع للاحتلال..؟ إن كانت الاجابة نعم، حينها يستطيع شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة بناء مطار وميناء وتشييد محطات للطاقة إلخ.... أما إن كان لا، وهو ما تمارسه (إسرائيل) على الأرض وفي البحر والجو، فإن القانون الدولي يلزم الاحتلال بالمسئولية عن الشعب المحتل وموارده، فمن يسرق الغاز من المياه الإقليمية لقطاع غزة يتوجب عليه تقديم الطاقة للشعب المحتل وبالمجان، من هنا يبدأ الحل لو ساد العدل في أروقة صانعي القرار الغربي، ولكن للأسف قبِل الجميع بأن تكون (إسرائيل) أرخص احتلال عرفه التاريخ المعاصر، وتريد الآن لأن تصبح احتلالا استثماريا يستثمر في الأرض التي يحتلها وهو قمة الظلم في العالم.
إن خطوات (إسرائيل) تجاه قطاع غزة ستدفع شرائح كبيرة من الشعب الفلسطيني للتحرك على المناطق الحدودية، فلم ترهبه تهديدات ليبرمان، وفي حال نفذ تهديداته فالشعب لديه قوة الحق تدافع عنه وهي المقاومة، وليتحمل الجميع المسئولية ابتداءً من نتنياهو ليبرمان وصولاً للرئيس محمود عباس وحسين الشيخ، لأن الانقسام لا يمكن أن ينتهي في بيئة العقوبات والاشتراطات، بل في بيئة الحوارات وتعزيز مبادئ الشراكة.
الخلاصة: رسالتي لمبعوث الأمين العام للأمم المتحدة نيكولاي ملادينوف ولمدير عمليات وكالة الغوث التحرك فوراً وقبل فوات الأوان على قاعدة فتح نقاش وحوار مع سلطة الطاقة في قطاع غزة لتحسين الجباية، وتسليمها للمنظمات الدولية وتعمل الأخيرة عبر التواصل مع الاحتلال لشراء الطاقة بشكل مباشر من الاحتلال دون ضرائب، وأن تبدأ المنظمات الدولية بتسويق مشاريع عاجلة لتحسين الشبكة وتأهيلها، وزيادة مصادر الطاقة لتلبي احتياجات المواطنين، فتلك الخطوات تكلفتها أقل بكثير من تكلفة الحرب.