فلسطين أون لاين

إزاحة الستار عن لوحة تكريمية تحمل اسمه

حنا دهده فرح.. شاعر موسوعي من جيل الرواد الأوائل

...
غزة/ خاص فلسطين:

على مدخل منزل عائلة فرح، أزيح الستار عن لوحة "عاش هنا" تحمل اسم الأديب الراحل حنا دهده، تقديرًا لمسيرته الأدبية.

ويأتي تكريم الشاعر الغزي ضمن مشروع تنفذه الهيئة العامة للشباب والثقافة بغزة، تسعى من خلاله إلى تخليد ذكرى عدد من القامات والرموز والمبدعين الذين ساهموا في إثراء الحركة الثقافية والفنية والفكرية في فلسطين.

والأديب والشاعر (1906-1985) مولود في مدينة غزة، ألحقه والده بالكتّاب كغيره من أبناء جيله، فتعلم القراءة والكتابة، وعندما شعر والده بنبوغ ابنه أرسله إلى دير الروم في مدينة القدس ليكمل تعليمه، فتعلم هناك اليونانية وحفظ ترانيمها وأصبح مرجعًا لها، كما حفظ القرآن الكريم في السابعة من عمره.

بعد أن أنهى دراسته في مدرسة دير الروم، عمل مدرسًا في مدينة إربد، ثم عاد إلى غزة، وأنشأ أول ناد أرثوذكسي فيها، ثم انتقل إلى مدينة بيت لحم وعمل مدرسًا للغة العربية، واشتهر بإجادته اللغة العربية بمهارة عالية، وعُرف بأشعاره التي كان يكتبها في كل مناسبة.

انتقل بعد ذلك إلى مدينة الناصرة وعُين مديرًا للمدرسة الابتدائية هناك، وكان يخصص المدرسة خلال العطلة الصيفية لاستقبال الأطفال لتعليمهم الأخلاق والفنون، ويأخذهم في رحلات إلى مدن وقرى فلسطين.

وخلال الرحلة كان الأطفال ينشدون أناشيد من تأليفه، جمعها في كتاب بعنوان (باقة أزهار)، واستعار لها ألحانًا من الفلكلور الفلسطيني ليسهل على التلاميذ حفظها، وكانت معظم قصائده تدلل على حبه الشديد لوطنه.

عمل الشاعر فرح في المحطة الإذاعية برفقة الشاعر الكبير إبراهيم طوقان الذي أعجب بكتاباته ومقالاته، فخصص له مقالًا أسبوعيًا في الإذاعة، موظفًا الكوميديا في نقد التصرفات السلبية السائدة مجتمعيًّا.

وفي عام 1926 اجتاز امتحان المعلمين الأعلى بتقدير امتياز، وعمل مدرسًا للغة العربية في مدرسة غزة الثانوية وهي المدرسة الثانوية الوحيدة في ذلك الوقت، واستمر في كتابة مقالاته الناقدة.

أصدر الشاعر جريدة أسبوعية خاصة بالمدرسة سماها (الخازوق)، كان ينتقد فيها واحدًا من زملائه المدرسين كل أسبوع بطريقة تضحكهم وتصلحهم دون أن تؤذي مشاعرهم، ثم غيّر اسمها إلى (الخازوق الدوار) عندما وجد أن جميع المدرسين يحبون أن يروا أنفسهم موضع اهتمام ونقد بناء.

عمل الشاعر فرح في حقل التعليم لأكثر من 30 عامًا، فعُين مديرًا لمدرسة هاشم بن عبد مناف الابتدائية (الهاشمية)، مؤلفًا كتابًا في التربية الاجتماعية للصف الثالث الابتدائي وأسماه (الفريد)، ثم عين مفتشاً للمواد الاجتماعية في المدارس الابتدائية زمن الإدارة المصرية لقطاع غزة.

خلال عمله مديرًا لمدرسة الهاشمية كتب أول مسرحية إسلامية ليقدمها أطفال مدرسته في عيد المولد النبوي الشريف، وكان اسم المسرحية (مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم).

إرث ثقافي

وأزيح الستار عن اللوحة التكريمية بحضور رئيس الهيئة العامة للشباب والثقافة أحمد محيسن، ورئيس بلدية غزة الدكتور يحيى السراج، والأديب والروائي غريب عسقلاني، وأسرة الراحل، وممثلين عن الطائفة المسيحية ولفيف من الشخصيات الاعتبارية والمثقفين.

ويقول محيسن: إن الشاعر حنا دهده فرح "واحد من جيل الرواد الأوائل الذين ساهموا منذ بدايات القرن العشرين في النهضة الأدبية في فلسطين، إضافة إلى حضورهم وتأثيرهم الفكري والسياسي والاجتماعي، ودورهم في رفع مستوى الوعي حول القضايا الوطنية".

ويوضح أن للشاعر دورًا مميزًا في تعزيز النسيج الاجتماعي، وترك إرثًا ثقافيًا واضحًا في هذا الجانب، "كان متعدد المواهب والقدرات، ضليعًا في أسرار اللغة العربية".

وعدّ عسقلاني الشاعر فرح نموذجًا يحتذى به للشعراء والأدباء الشباب، "فقد كان شاعرًا مثقفًا موسوعيًا، وساعده على ذلك تمكنه من اللغة العربية والإنجليزية واليونانية، وتعمقه في التراث الإسلامي والمسيحي، ما جعله على معرفة ودراية واسعة وعميقة بالآداب والفنون والتاريخ والفلسفة".

في حين أكد السراج أن الراحل يُجسد حالة الوحدة الوطنية والتكاتف والمصير المشترك بين أبناء الشعب الفلسطيني بمختلف توجهاتهم الدينية والفكرية والسياسية.