فلسطين أون لاين

لا أفق للحل في ظل تواطؤ الاحتلال وحكومة "الحمد الله"

​القدرة : نقصٌ غير مسبوق في الأدوية يُثير قلق "الصحة"

...
غزة - صفاء عاشور

سجلت وزارة الصحة نقصاً غير مسبوق في الأدوية بعد أن طالت التقليصات الأخيرة حظاً وافراً من الأرصدة الدوائية.

وأكد مدير العلاقات العامة في وزارة الصحة د.أشرف القدرة أن الأزمة الطاحنة التي يمر بها القطاع الصحي بما فيها أزمة الوقود ومنع المرضى من العلاج بالخارج؛ لا تُشير لأي حل قد يلوح في الأفق؛ في ظل تجاهل حكومة "الحمد الله" لقطاعٍ حيوي وحساس؛ ناهيك عن استهداف الاحتلال له؛ مما يثير قلق وزارته بشكلٍ كبير.

وقال د.القدرة في حوار مطول مع صحيفة "فلسطين": "مع الأسف جميع الاتصالات مع المؤسسات الدولية لم تسفر عما يمكن أن يسهم في حل الأزمة بشكل فعلي".

وأضاف: "وزارة الصحة تعاني من نقصٍ حاد وصل إلى معدلات غير مسبوقة بنفاد 175 صنفًا من الأدوية بما يشكل ما نسبته 35% من الأدوية الأساسية وهي 517 صنفا دوائيا التي نتعامل معها".

وفي السياق نفسه تابع التوضيح: "كما تعاني الوزارة من نقص ما يزيد عن 270 صنفا من المستهلكات الطبية ضمن القائمة الأساسية المكونة من 856 صنفا من المستهلكات الطبية"، وأكثر من ثلث مرضى القطاع في حالة عوز مستمر لأدويتهم التخصصية".

خدمات في نفقٍ مظلم

ووفقاً للقدرة؛ فإن الأزمة طالت أدوية التخدير التي تحتاجها المستشفيات لإجراء عمليات جراحية يصل عددها إلى أكثر من 250 عملية جراحية وقيصرية في اليوم الواحد، لافتاً إلى أن عدم توفر أدوية التخدير من شأنه أن يوقف العمليات الجراحية بشكل كامل في المستشفيات؛ وهذا له تداعيات خطيرة على صحة المرضى.

وعلى رأس من تطالهم أزمة النقص في الأرصدة الدوائية مرضى السرطان وأمراض الدم؛ مع العلم أن 90% من خدمات مرضى السرطان متوقفة تماماً، كما أن هناك نقصا حادا في الأدوية العلاجية وصلت إلى 37 صنفا من أصل 67 صنفا؛ وفق قوله.

وأوضح أن البروتوكولات العلاجية الخاصة بمرضى السرطان تتكون من ثلاثة أصناف فأكثر، وغياب أي صنف منها يؤثر على القيمة العلاجية للبرتوكول العلاجي؛ وبالتالي تتهدد صحة مرضى السرطان بشكلٍ جاد.

وذكر القدرة أن ما يزيد عن 60% من مرضى الأروام تمنع (اسرائيل) دخولهم المشافي التخصصية لمبررات غير مقبولة؛ وتتنافى مع القانون الدولي الانساني واتفاقية جنيف الرابعة، مشيراً إلى أن مرضى الأورام يحتاجون إلى علاجات إشعاعية غير متوفرة في القطاع في ظل الحصار القائم.

ويخشى القدرة من عدم قدرة القطاع الصحي في غزة على الصمود في حال استمرار الأزمات التي يمر بها والتي تؤثر بشكل مباشر على تقديم الخدمة الصحية للغزيين؛ مؤكداً أن خدمات صحية عدة باتت تدخل اليوم نفقاً مظلماً جراء الحصار المفروض على القطاع.

وأشار إلى أن حصة القطاع من الأدوية والمستلزمات الطبية تصل إلى 40% من واردات السلطة وفق القانون الفلسطيني، مستدركاً: "ولكن ما تم توريده خلال المرحلة السابقة هي كميات لا تفي بالغرض، وهو ما يضعنا أمام قلق حقيقي على صحة مرضى القطاع".

ترشيدٌ أمثل للوقود

ومع اقتراب موعد نفاد الكميات المتوفرة من وقود منحة "الأوتشا" التي يصفها مدير عام العلاقات العامة؛ بأنها كانت "إسعافية" أي لإنقاذ ما يمكن انقاذه، فإن وزارة الصحة تواجه مشكلة حقيقية في الوقود؛ لأن الكميات المتوفرة بدأت بالنفاد من مستشفيات القطاع والمرافق الصحية.

وأضاف: "ساعات انقطاع الكهرباء زادت بشكل كبير؛ وبالتالي الكميات المتبقية تُستنزف بشكل متسارع، فكل ساعة انقطاع للكهرباء تحتاج الوزارة إلى 2000 لتر من السولار لتشغيل المولدات الكهربائية".

واعتبر القدرة أن أزمة الوقود همٌ جاثم على صدر وزارة الصحة في ظل حاجتها إلى دعم متواصل من الجهات الدولية لتوفيره.

وعن جهود إدارة هذه الأزمة التي تبذل في هذا الصدد؛ قال: "تعمل الوزارة على الترشيد الأمثل لما يتوفر لديها من وقود، عن طريق تخفيف الأحمال في المستشفيات وذلك باستخدام المولدات الأقل حجماً؛ وإبقاء مساحة الخدمة للخدمات الحساسة؛ وانقطاع التيار عن الخدمات اللوجستية والمساندة والتشخيصية وخاصة في الفترة المسائية التي توقف فيها خدمات الغسيل".

التلاعب بـــ "العلاج بالخارج"

وعن ملف العلاج بالخارج؛ أكد القدرة أن هناك تقويضا مُمنهجا من قبل الاحتلال ورام الله للخدمات الطبية التي يحتاجها المواطن في قطاع غزة، فكلاهما يدركان أن الخدمات الصحية تشكل رافعة صمود لأهالي القطاع.

وبشيء من التفصيل أوضح: "ما يزيد عن ألف مريض يحتاجون للسفر للعلاج خارج القطاع باتجاه المشافي التخصصية في الضفة أو الداخل المحتل ويرفض الاحتلال دخولهم، كما يوجد أكثر من 60% من مرضى السرطان تمنع (اسرائيل) دخولهم".

وأضاف القدرة: "وهناك 54% من مرضى القطاع يحتاجون للعلاج بالخارج وغير قادرين على دخول الأراضي المحتلة بسبب اجراءات الاحتلال العنصرية"، لافتاً إلى أن هناك تأخيرا غير مبرر من دائرة العلاج بالخارج في رام الله لإصدار قرارات تخص ألف حالة لم يحصلوا حتى الآن على تحويلة علاجية.

وطالب القدرة وزارة الصحة في رام الله بالكف عن التلاعب بهذا الملف الحساس والمهم؛ والذي يحتاج لوقفة وطنية جادة لوضع حد لكافة السياسات التي تنتهجها.

وبالانتقال إلى محور آخر يتعلق بإنجازات "الصحة"؛ مع الظروف والأزمات التي مر بها قطاع غزة على مدار سنوات الحصار؛ عبر القدرة عن فخره بأنه لم تسجل أي حالة وفاة نتيجة انقطاع التيار الكهربائي في مستشفيات القطاع، كما ارتفع مستوى التطعيمات بشكل ملحوظ وصل إلى مستويات عالمية، بالإضافة إلى أن القطاع أصبح خاليا من بعض الأمراض التي لا تزال موجودة في بعض البلدان مثل شلل الأطفال والحصبة.

ولم يُخفِ قلقه من تراجع المؤشرات الصحية التي عملت الوزارة خلال السنوات الماضية على تحقيقها، مطالباً كافة المؤسسات الدولية بسرعة التدخل لحماية منظومة الخدمات الصحية المقدمة للمواطن الفلسطيني.