فلسطين أون لاين

​الطفل مؤمن يحلم بـ"قوقعة" تصله بالحياة

...
خان يونس - ربيع أبو نقيرة

يخضع الطفل مؤمن صالح الرقب (5 أعوام) لتدريب مكثف ضمن برنامج مخصص لإعادة تأهيله من أجل التغلب على عزلته، ودمجه في المجتمع.

الطفل الرقب يعاني من ضعف في حاسة السمع بنسبة تصل إلى 80%، الأمر الذي يعيق تواصله مع المحيط الاجتماعي من حوله.

ولأنه وُلِد بحاسة سمع ضعيفة إن قدرته على النطق كذلك ضعيفة جدًّا، فنطق الإنسان مرتبط ارتباطًا وثيقًا بما يسمعه من أصوات.

وللتغلب على مشكلة ضعف السمع وتنمية مهارات التواصل مع الآخرين التحق الرقب بمركز بسمة للسمعيات والتخاطب التابع لجمعية إعمار بمحافظة خان يونس جنوب قطاع غزة، التي تهتم بالأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة.

الاختصاصية فداء سرداح التي تتابع حالة الطفل مؤمن بينت في حديثها لصحيفة "فلسطين" أنه خضع لجلسات تأهيل (تدخل مبكر) مدة ستة أشهر، ثم انضم إلى إحدى المجموعات من الأطفال الذين يتشابهون مع حالته.

وأشارت إلى أنه يدرب الأطفال ضعاف السمع بعد تركيب قوقعة سمعية لهم على كيفية سماع أصوات الناس وباقي الأصوات من حولهم، وتعليمهم اللغة، وتدريبهم على معرفة الألوان وأعضاء الجسم وأسمائها، والحيوانات، وغيرها من الأمور.

وبينت سرداح أن الطفل الرقب الذي يسكن ببلدة بني سهيلا يجد صعوبة بالغة في التعلم ومواكبة التدريب وتلقي المهارات، وتراجعًا عن باقي الأطفال، كونه يأتي في بعض أيام التدريب إلى المركز دون سماعة.

وعند سؤاله عن سبب عدم جلب سماعته معه يبين أن أمه تأخذها منه ليستخدمها شقيقه معتصم الذي يبلغ من العمر عشرة أعوام، والحديث لسرداح، التي بينت أن السماعة مبرمجة ليستخدمها شقيقه وليست له.

وقالت: "مؤمن لا يملك سماعة خاصة به مبرمجة وفقًا لقدراته السمعية، وهو من الأطفال الذين يتبادلون السماعات مع أشقائهم لاستخدامها في الدراسة"، مشيرة إلى أن ذويه لا يستطيعون توفير السماعات له ولإخوته، لذلك يتبادلون السماعات، وهذا الأمر يقف عائقًا أمام التدريب الفني، ويطيل مدة استيعابه وتأهيله.

وتابعت سرداح: "مؤمن بحاجة لسماعة خاصة به، لاسيما أن سماعة شقيقه المستعارة تتعطل من حين إلى آخر".

أكبر العوائق

أمّا مؤمن الذي لا يكاد يتحدث وبصعوبة ينطق فقال: "أنا مبسوط، أنا لدي سماعة واحدة، وأمي تأخذها لأخي معتصم، ليذهب بها إلى المدرسة، أنا بحاجة لسماعة خاصة بي".

ويعاني الأطفال نتيجة ضعف القدرات المادية لذويهم، مقابل التكلفة المالية الكبيرة لكل قوقعة يمكن تركيبها، وأيضًا إغلاق المعابر والحصار من أكبر العوائق أمامهم في زراعة الأجهزة الخاصة بهم وصيانتها وبرمجتها، كونه يحرمهم السفر والتنقل، وفق إفادة سرداح.

وقالت: "من أهم المشاكل التي يعاني منها الأطفال ضعاف السمع وزارعو القوقعة عدم التمكن من السفر، علمًا أن كل طفل يجب أن يسافر كل ستة أشهر لمتابعة علاجه، ولدي هنا في المركز طفلان لم يتمكنا من السفر منذ عامين".

"وتكمن المعضلة الكبيرة لزارعي القوقعة في البيت أو في العملية التربوية والتعليمية في ارتفاع تكلفة زراعة القوقعة بشكل كبير (السماعة الواحدة قد تصل تكلفتها إلى خمسين ألف دينار)، وتعطل السلك الذي يربط بين الجهاز داخل الرأس والجهاز خارجها في أي لحظة"، والحديث هنا لعضو مجلس إدارة جمعية إعمار موسى أبو دقة.

وبين أبو دقة أن إغلاق معبر رفح يسد طريق التواصل مع المؤسسات المعنية القادرة على تلبية احتياجات الأطفال ضعاف السمع، مشيرًا إلى الحاجة الماسة للمختبرات والسماعات وأجهزة الحاسوب الخاصة لمساعدة ضعاف السمع.

إذًا، لا يوجد سماعات جديدة، ومراكز التأهيل غير قادرة على صيانة السماعات، والأطفال سيفقدون اتصالهم بالحياة بشكل كامل.

لذلك كله ستبقى تحقيق أمنية الأطفال ضعاف السمع بزراعة القوقعة والعودة للحياة رهن إغلاق المعابر، والحصار الظالم لقطاع غزة المتواصل منذ عقد من الزمن، والذي لا يرحم مريضًا ولا صحيحًا.