يبدو أن بينيت قد تمكن من بيع موقفه الصامت من عودة بايدن للاتفاق النووي مع إيران في مقابل عدم ضغط بايدن على حكومته للعودة للمفاوضات السياسية مع الحكومة، حجة بينيت أن حكومته الائتلافية تقوم على قاعدة عدم الدخول في مفاوضات سياسية، وذلك أن أطراف الائتلاف مختلفون في الرؤى السياسية، والعودة إلى المفاوضات هي دعوة لإسقاط الحكومة.
يقول لبيد وزير خارجية حكومة الاحتلال عن برنامجه إنه يقوم على "تعزيز الوضع الاقتصادي بالتعاون مع أطراف إقليمية ودولية، مقابل نزع سلاح غزة، في موازاة العمل على تعزيز السلطة الفلسطينية، وإنه لا يعتزم إجراء اتصالات مع السلطة أو لقاء عباس وأنه في حال حدوث أي خطوة بهذا الاتجاه فإن حكومته ستسقط".
ويبدو أن بايدن قد تقبل هذا العرض في هذه المرحلة، فهو لم يمارس ضغطًا على بينيت للعودة للمفاوضات، بحسب وعوده الانتخابية، واكتفى بإجراءات حكومة بينيت بتعزيز وضع السلطة المالي، وتلبية طلبها بقرض كبير على حساب المقاصة، وهو إجراء تحقق بزيارة غانتس لرام الله، والذي وصفه بأنه ليس لقاء سياسيا تفاوضيا.
مما تقدم يمكن القول في أذن السلطة إن حكومة بينيت لا تختلف عن حكومة نتنياهو من حيث الرؤية السياسية، وإن حكومة بايدن لا تختلف كثيرًا عن حكومة ترامب في المسألة السياسية، وإن اختلفت عنها في عملية إدارة الوضع القائم، وآليات العمل، ولغة الخطاب.
ويمكن القول إن ما يطرحه لبيد في تعامله المستقبلي مع غزة لا يرقى لمشروع سياسي محدد المعالم، بل هو اليوم صرّح بأن ما طرحه لا يتجاوز الحصول على ضغوط ضد حماس وغزة، من خلال مشروع الاقتصاد في مقابل الهدوء. لبيد لا يحمل جديدًا لغزة، وغزة لن تبلع كبسولة كذبه، وستمارس حقها في الاقتصاد والمقاومة إلى أن تصل إلى ما تريده، بعزِّ عزيز أو بذُلِّ ذليل، وما لديها من خبرة وتجربة في عمل الاحتلال وطروحاته السياسية والمدنية يكفيها لتجاوز فخاخ لبيد وبينيت، كما تجاوزت نتنياهو من قبل.
حكومات الاحتلال وقادة الأحزاب يمارسون إرسال تصريحات سياسية ومدنية معسولة نحو غزة، وكذا نحو السلطة، ولكن لا يوافقون على برنامج سياسي يسمح بقيام دولة فلسطينية، أو اقتصاد فلسطيني سيادي مستقل عن الاقتصاد الإسرائيلي. هذا الغياب الأيديولوجي المشترك بين أحزابهم وحكوماتهم فيه مبرر كافٍ للأطراف الفلسطينية للمصالحة، والعمل المقاوم المشترك، بحسب الممكن. وهذا الممكن لا يعرقله أحد غير رئيس السلطة.