الاقتصاد مقابل الهدوء في غزة هو مشروع وزير خارجية دولة الاحتلال لبيد. ما قاله لبيد هو أول تصريح ذي مغزى سياسي تصرح به حكومة بينيت.
لبيد يزعم أنه أخذ موافقة بينيت وغانتس على ما صرح به، أي هو يريد أن يقول هذه رؤية الحكومة وخطتها لغزة. وهو جزء من مشروع بيرس قديمًا. وفي الوقت نفسه قال لبيد هذا لا يعني أن حكومته قررت التفاوض مع حركة حماس؟! هو يرى أن التفاوض مع حماس يضعف عباس؟! لذا هو يقترح تقوية عباس، وهو المنهج نفسه الذي يتبناه بايدن، الأمر الذي يمكن معه القول بأن لبيد يخاطب في تصريحه بالدرجة الأولى بايدن والإدارة الأميركية؟!
حماس، وفصائل المقاومة ليست معنية بالتفاوض مع حكومة بينيت أو غيرها من الحكومات. الفصائل ترى أن التفاوض يكون مجديًا حين يقر المحتل والمستعمر بحق الفلسطينيين في تقرير المصير، ومن ثمة كانت جريمة مفاوض أوسلو أنه فاوض في أمور حياتية، وقيامة سلطة للحكم الذاتي قبل أن يحصل على الحق في تقرير المصير، لذا مضت ثلاثة عقود تقريبًا على قيام السلطة ومفاوضات أوسلو، ولم يحصل المفاوض على اعتراف من دولة الاحتلال بحق الشعب في تقرير المصير؟!
مضت ثلاثون سنة عجافا والمفاوض يدور في دائرة إدارة السلطة، والرواتب، والاقتصاد، وأقضية الحياة المدنية المختلفة، والتنسيق الأمني، دون الحصول على شيء مهم فيما يتعلق بالسيادة والحرية وتقرير المصير. ولو تمسكت فتح والمنظمة بسلاحها، وبمبدأ الحق في المقاومة مع التفاوض، لتمكنت من انتزاع تقرير المصير والدولة والسيادة؟!
تجربة السلطة تجربة سيئة على المستوى القومي الفلسطيني، حيث تقدمت فيها مصالح قادة التفاوض الشخصية والحزبية على مصالح الوطن وتقرير المصير. ومن ثمة لن تجد دولة الاحتلال في غزة من يبحث عن التفاوض معها. وغزة لا تقبل بمشروع الحل الاقتصادي كما يطرحه لبيد، أو كما طرحه بيرس من قبل.
نعم غزة تحتاج إلى الاقتصاد، ودولة الاحتلال تحتاج إلى الهدوء، وتكرار الحرب كل أربع سنوات مرهق، ولكن غزة مضطرة لذلك في ضوء عدم اعتراف الاحتلال ابتداء بحق السكان في تقرير المصير والسيادة، ومن ثمة أن تتعامل غزة مباشرة مع العالم. غزة لا تعطي هدوءا مقابل أن تأكل من رحم الاحتلال؟!
يجدر بغزة، بل والضفة أيضا أن تفك ارتباطها باقتصاد دولة الاحتلال. في ضوء المسافة البعيدة بين ما يطرحه لبيد، وما تفكر به غزة، يمكن القول بأن مشروع الاقتصاد لغزة مقابل الهدوء مشروع مجحف ومرفوض. غزة أولا، والضفة ثانيا تريدان الانفكاك عن الاقتصاد الإسرائيلي، لأن اقتصادهم موظف ضدنا كأداة استعمارية تسند أعمالهم القتالية، وهذا هو جوهر حصار غزة؟!
غزة تريد اقتصادًا حرًّا على مستوى الحياة اليومية، وتريد على المستوى السياسي الحق في تقرير المصير والسيادة لها وللضفة.