ستة عشر عامًا مضت على اندحار قوات الاحتلال الصهيوني من قطاع غزة، بعد أن عد شارون مغتصبة (نتساريم) كـ(تل أبيب)، والانسحاب منها كالانسحاب من (تل أبيب)، بالأمس كان الانسحاب من القطاع بلا مقدمات ودون تنسيق مع الفلسطينيين هروبًا، ليس من نعيم غزة، بل كان الاندحار تحت ضربات المقاومة التي أرهقت الاحتلال، وبات احتلال قطاع غزة يكلف الكيان الكثير، في المال وإجراءات الحماية، حتى بات أربعة جنود يحرسون مستوطنًا، وأصبح استمرار الاحتلال يستنزف كثيرًا من الجهد والمال، ويعرضهم للمقاومة بشكل لم يعهده الاحتلال طوال سنوات وجوده في قطاع غزة، وبات الاحتلال مكلفًا للعدو، إضافة إلى رحيل المستوطنين عن مستوطنات القطاع إلا القليل منهم.
نعم، تحررت غزة من نير الاحتلال بليل هروبًا من شدة المقاومة، وصدق فيهم قول الله (تعالى): "هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ۚ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا ۖ وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا ۖ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ۚ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ".
هو الخوف من الموت الذي بات يلاحقهم في كل مكان في الطرقات وفي المغتصبات وفي أثناء الخروج وعند العودة، وسبق الخوف إرادة الله؛ فكان الخروج المذل وكتب الله لنا النصر والتحرير.
نعم، نعمت غزة بالحرية وباتت تملك قرارها وتتصرف بمقدراتها، وأنعم الله عليها بدحر المتخاذلين، فنعمت غزة بحرية مضاعفة، وتمكن أبطالها من مراكمة القوة، وأصبحت المقاومة تطور مقدراتها، وتحفر أنفاقها، وتعد جنودها، دون خوف من احتلال وأعوانه، حتى امتلكت الكثير وراكمت قوتها وأعدت جندها ليوم التحرير، ولولا فضل الله وعزيمة الأحرار لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه، وما دب الرعب من جديد في المحتل، ولم يعد بقاؤه على الأرض الفلسطينية نزهة واحتلاله بلا تكلفة، بل باتت غزة بمقاومتها وقوتها تشكل أرقًا كبيرًا للاحتلال حتى بات يحسب لها ألف حساب .
نعم، نعاني ونقاسي حصارًا مؤلمًا، ولكن هذا الحصار سيرفع، وسينعم أهلنا بالخير الكثير، وسيرحل الاحتلال عن فلسطين كما رحل عن غزة، وهذا بإذن الله لن يكون بعيدًا، وسنراه بأعيننا، ونلمسه بأيدينا، وما ذلك على الله ببعيد.