فلسطين أون لاين

كمنجي من "القلعة الحصينة" إلى "نفق الحرية"

...
غزة-جنين/ جمال غيث:

"يا رب إني شاكٍ لك محنتي فالأسر قد طال والسجن أرهقني.

والروح قد ضجت والقلب صدقها، والعين قد ضاقت دمعًا بلا كلل.

والبعد عن أهلي قد طال بالزمن، والداء صار رفيقي لا يفارقني.

السجن مظلمة لله أشكوها، والقبر أرحم بي حين تخيِّرني.

امنُنْ عليَّ بفرج أن تيسِّره، كما مننت على يوسف عتقًا من السجن".

كانت هذه كلمات مسجلة تداولها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي يشكو فيها الأسير أيهم كمنجي السجنَ، ويدعو الله عز وجل، فرجًا قريبًا، وقد تحقق ذلك.

استجاب الله عز وجل لتضرع ودعاء كمنجي، لينتزع حريته برفقة زملائه الخمسة فجر الاثنين الماضي، عبر نفق حفروه بملاعق الطعام، أسفل سجن "جلبوع" ليكسروا ما يُسميه الاحتلال "القلعة الحصينة"، أو "صندوق الخزنة" نظرًا لاستحالة الهروب منه.

نفق الحرية

وتحول القيادي في حركة الجهاد الإسلامي كمنجي إلى أيقونة للمقاومة الفلسطينية بعد فشل الاحتلال في تقفى أثره أو الوصول إليه.

وللمحرر كمنجي تاريخ طويل في مقاومة الاحتلال، حيث قضى سنوات من عمره داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي.

ولد "أيهم" في السادس من يونيو عام 1986م، في قرية كفر دان من مدينة جنين المحتلة، وهو الأكبر لأسرته المكونة من ستة أشقاء، وتلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي في القرية، ثم حصل على شهادة الصف الحادي عشر، لتبدأ عام 2003 حياة الملاحقة والاعتقال من سلطات الاحتلال، وهو لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره بعد، وفق والده.

ويقول فؤاد كمنجي لصحيفة "فلسطين" وهو والد المحرر "أيهم": "كان شبلاً بقلب أسد، يدافع عن الحق والمظلومين، وبعد رحلة من المطاردة اعتقل في سجون السلطة، وأودع في سجن أريحا ليلتقي بزياد سمارة، وسائد المقيطي، وبعد أشهر من اعتقالهم اتخذوا قرارهم بالهروب من السجن، وتم ذلك بالفعل في سبتمبر عام 2004".

وحاول الاحتلال جاهدًا اعتقاله أكثر من مرة، والقول لوالده، ونصب له الكمائن، لكن محاولاته باءت بالفشل، وأشرف كمنجي على عدة عمليات بطولية كان أهمها اختطاف المستوطن إلياهو أوشري، ثم قتله.

وبعد قتل الجندي جن جنون الاحتلال، فأصبح كمنجي، مطلوبَ الرأس مهدورَ الدم لا مقام له فوق الأرض -هكذا أراد الاحتلال- ثم تتابعت محاولات اغتياله لتصل إلى ست محاولات ويرتقى في إحداها رفيق دربه أيمن راتب حريبات شهيدًا.

اعتقلت السلطة "أيهم" في 26 يونيو 2006 على خلفية إشرافه على عملية خطف المستوطن وقتله، وبعد ثمانية أيام فقط، أطلق سراحه ليسلم لقبضة الشاباك، وينقل إلى مركز تحقيق المسكوبية الذي يعد من أكثر مراكز التحقيق وحشية لدى الشاباك، لينزل عليه أشد أنواع العذاب في رحلة التحقيق معه ونزع الاعترافات منه.

إهمال طبي

ويلفت إلى أنه بعد أسابيع من التحقيق معه تمت محاكمته بالسجن مؤبدين، بتهمة مقاومة الاحتلال والمشاركة في عمليات للمقاومة، ويبدأ رحلة التنقل والطواف في سجن "عسقلان" وصولًا إلى سجن "جلبوع" ليتمكن هو ورفاقه الخمسة من حفر نفق تحت أساسات السجن وانتزاع حريته.

وأكمل كمنجي خلال اعتقاله تعليمه الثانوي والجامعي، وحصل على شهادة البكالوريوس في التاريخ، كما حصل على درجة الماجستير المهني في إدارة الأعمال تخصص "إدارة مؤسسات" من جامعة القاهرة بجمهورية مصر العربية.

ويصنف كمنجي ضمن الحالات المرضية في سجون الاحتلال، وهو من ضحايا سياسة الإهمال الطبي المتعمد التي تنتهجها إدارة سجون الاحتلال بحق الأسرى المرضى، حيث أصيب عام 2014م بمرض غريب تسبب بظهور تقرحات في ظهره وجسمه تآكل بشكل خطير وغريب، وأهملت حالته الصحية لشهور طويلة، ولم تقدم إدارة السجون له أي علاج أو فحوصات طبية، ما تسبب بتدهور وضعه الصحي.

ويعاني كمنجي التهابات شديدة في منطقة البطن، ونزيفا حادا في الأمعاء، وعلى الرغم من حالته الصحية الصعبة فإن إدارة السجون لم تحرك ساكنًا أمام تدهور حالته الصحية التي تزداد سوءًا يومًا بعد يوم، ليكتفي أطباء السجن بإعطائه مسكنات دون تقديم أي علاج له.

ويقول والد كمنجي: إن عائلته تعيش حالة ممزوجة بين الفرح والقلق، بعد أن استطاع نجلها انتزاع حريته من سجن "جلبوع"، مشيرًا إلى أنه خضع لتحقيق من المخابرات الإسرائيلية حول نجله عقب فراره.

ويضيف: "لا نعلم شيئا حول مصير أيهم، ونسمع من وسائل الإعلام فقط أخبار الأسرى، أسأل الله له ولرفاقه الحماية".

 

المصدر / فلسطين أون لاين