بلاد ما وراء النهر، هي منطقة تاريخية في آسيا الوسطى، تشمل أوزباكستان والجزء الجنوب الغربي من كازاخستان والجزء الجنوبي من قيرغيزستان، أطلق العرب المسلمون على تلك المنطقة اسم "بلاد ما وراء النهر" عندما فتحوا تلك المنطقة في القرن الهجري الأول إشارة إلى النهرين العظيمين الذين يحداها شرقا وغربا وهما: نهر سيحون (أو السير داريا بالفارسية)، وجيحون (أو الآمور داريا بالفارسية). في الأراضي التي تُشكل اليوم، تقريباً، جمهورية أوزبكستان الاشتراكية السوفياتية وجزءًا من جنوب جمهورية قازاخستان الاشتراكية السوفياتية.
وأهم المدن التاريخية لبلاد ما وراء النهر: سمرقند، بخارى، فرغانة، طشقند، خوارزم، مرو، ترمذ. وهي أسماء تدل على أعلام لهم مكانتهم في التاريخ، مثل: الخوارزمي، والفارابي، والبخاري، والترمذي، وابن سينا، والجرجاني، والسجستاني، والبيروني. انتشرت بها البوذية والمسيحية سابقاً ويُعدّ الإسلام الديانة السائدة في تلك المناطق.
بعد انتشار الإسلام في هذه الديار، بدأ سكان منطقة ما وراء النهر في الالتزام بأركان الإسلام وفرائضه، وتعدّ بلاد ما وراء النهر إحدى المناطق الأكثر قيظًا في المعمورة. لكنَّ مسلميها لا يمتنعون عن الصيام. استولت روسيا على بلاد ما وراء النهر في نهاية القرن 19 ميلادي وظلت المساجد والمدارس والهيئات الدينية الأخرى كما كانت بسبب صمود أهالي هذه البلاد في وجه القيصرية. لكن الثورة الشيوعية شنَّت حملةً شعواء مُضادَّة للدين؛ فأغلقت المساجد والمدارس وفرضت الحظر على أداء الصلاة والصوم والحج، وأغلقت مباني الهيئات الدينية وحولت بعضها إلى مستودعات أو معامل أو مدارس عادية أو مساكن، وأرغموا الطلاب في المدارس على الأكل والشرب في أوقات الصيام، وكافحت إدارة المؤسسات هؤلاء الذين صاموا؛ حيث كانت تعزلهم عن مناصبهم وتُمارِس ضدهم مختلف أنواع العقاب الإداري. إلا أن البعض كان يصوم سرًّا، وكان الناس يصلون صلاة التراويح في بعض المنازل الخاصة خفية.
وبعد تفكك الاتحاد السوفيتي، انفصلت تلك الدول عن روسيا عام 1991م، وأخذ المسلمون يتمتعون بحرية أداء الطقوس الدينية، وأُعِيد فتح كل المساجد والمدارس التي قام المسلمون بترميمها بسرعة وأنشؤوا المزيد منها. ويستعد مسلمو تلك المناطق للشهر الفضيل، ويعدّونه فرصة لتعزيز ثقافتهم بدينهم وتاريخهم وشيوخهم وعلمائهم. في رمضان تمتلئ الشوارع في المدن، ويفترش الباعة كل مكان ليعرضوا بضاعتهم الخاصة بشهر الصيام. ويكثر التهجد والقيام والطاعات وتكتظ المساجد في رمضان بالمصلين أما في العشر الأواخر وتحسبًا لليلة القدر فلا يبقى أحد في البيوت.
ورغم الفقر الذي يعيشه سكان هذه المناطق رغم كثرة الموارد الطبيعية إلا أنه لا يقف عائقاً أمام صيامهم وصدقتهم، ويجتمع المسلمون الآن في إفطارات جماعية عديدة خلال شهر رمضان تقوم الأسر بتمويلها، تُذبَح خلالها الخراف وتحضر الأطعمة المختلفة خاصة "اللاغمان" وهي أكلة أساسية في إفطار رمضان، و"البلوف"، وهي رز مع لحم وجزر وزيت ودهن، يطبخ بطريقة خاصة توصله إلى نكهة غير عادية، كما تُخبَز الأرغفة الكبيرة مع الزيت والحليب، وتقدم مختلف أنواع الشوربات المشروبات الساخنة، ولا تغيب عن طاولة الإفطار الفاكهة المجففة التي عادة ما تقدم في بداية الطعام ومع الشاي وخاصة بعد الأكل، وبعد الإفطار يُرتِّل أحد الحضور ما تيسر من الآيات القرآنية ويدعو للقائم على الإفطار بالبركة؛ ثم ينطلق الضيوف إلى المسجد لأداء التراويح.