تطلق إدارة السجون وكذلك الإعلام الإسرائيلي على سجن الجلبوع تسمية "صندوق الخزنة"، والمقصود من وراء التسمية هو استحالة الهرب منه.
يُعد هذا السجن الذي بني في أجواء الانتفاضة الثانية في عام 2004 في مجمع سجن شطة على مشارف غور بيسان، من أحدث السجون وأكثرها صرامة في الإجراءات بمعايير عالمية، وقد جرى تصميمه على أساس أقسام منفردة لا تتصل بينها وكأن كل قسم هو سجن منفرد، وكل خروج من القسم يمر في مسارات داخلية محاطة بالجدران بالأسلاك وأجهزة الرقابة. أرضيته مبنية بالباطون المسلح وبطبقة فولاذية من تحتها من صفائح الفولاذ الذي تصنع منه دبابات "المركباه". السجن مخصص لذوي الأحكام العالية والمؤبدات.
كما أنه سجن محاط بكلاب الحراسة والأجهزة، ويقوم السجانون يوميا بالفحص الأمني لأرضية الزنازين ولمتانة الأبراش "الأسرّة الحديدية" وللمرحاض وللشباك الحديدية التي تكسو النافذة. ويقومون بالعدد الصباحي والنهاري والمسائي لضمان كل ما في "الخزنة".
في العام 2014 جرت محاولة شبيهة في السجن، وتم كشفها وإحباطها بعد العثور على نفق امتد عدة أمتار، استغرق العمل فيه أشهر عديدة، وذلك من أرضية المرحاض في إحدى الزنازين. في أعقاب ذلك قررت مصلحة السجون تغيير كل المراحيض في السجون واستبدال المرحاض "الأرضي" بالمرحاض الإفرنجي (الكرسي) وبناء أرضية من الباطون والشباك الفولاذية. كما قاموا بتغيير قنوات الصرف في أرضية ساحات السجن وفتحها يوميا للتأكد من عدم وجود تراب أو حجارة كدلالة على حفر نفق. أقيل مدير السجن والضباط المسؤولون، وخلدت قيادة السجون إلى، وهم نشوة المنتصرين في معركة المرحاض.
تدرج مصلحة السجون على وضع شارة (ساغاف -وهي اختصار: خطر هرب كبير)، وذلك في بطاقة الأسير الذي بتقديراتهم الاستخباراتية قد يهرب أو ليس له ما يخسر. ويحظى هؤلاء الأسرى بإجراءات صارمة للغاية في أي تحرك أو تنقّل، سواء للعيادة أو لقاعة الزيارات أو للتنقلات بين السجون.
حالة مصلحة السجون الاحتلالية ومعها المؤسسة الأمنية والسياسية والإعلامية الإسرائيلية هي حالة هلع وإخفاق، وفي مثل هذه الحالات سيكون الرد انتقاميًّا وقمعيًّا كما تجيد أن تفعل، لكنها لن تحصد سوى المزيد من الإحباط. ستقوم السجون، اليوم وفي المدة القريبة، بإغلاق السجون أي منع الأسرى من الخروج من الزنازين للباحة، وهي من أكثر الإجراءات التي تغيظ الأسرى وتنال من رتابة حياتهم الاعتقالية خاصة في الجو الحار القاتل، إلا أن الأسرى كما أتوقعهم لن يحتجوا هذه المرة على العقاب الجماعي، فإنهم يشعرون بالنشوة وبالأمل أنه "لا بد للقيد أن ينكسر".
لن أتحدث عما هو متوقع أن تقوم به مصلحة السجون، الآن، كي لا أقدم أفكارا ربما لن تكون لديهم، ولكن من المحفز حضور فيلم "الهرب الكبير" الشهير، ومهما كان ملهما للخيال فإن أسرى سجن الجلبوع الذين صنعوا طريقهم، يفوقون في خيالهم خيال الأفلام.
لا يملك الأسرى أي أدوات حفر، ولا أماكن لإخفاء التراب كي يتقدموا بالحفر، ولا معرفة أين تمر الأرضية الفولاذية والباطون المسلّح، ولا خرائط ولا شيء، بل يملكون القدرة على المستحيل.