صحيح أن العلاقة الشخصية بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت قد تحقق نتائج بعيدة المدى، ولكن رغم هذا التفاؤل الإسرائيلي الذي تبع أول اجتماع لهما لدينا قائمة كاملة من الرؤساء الأمريكيين ورؤساء الحكومات الإسرائيلية الذين نشأت بينهم "كيمياء" شخصية، لكنهم لم يتوقفوا عن الشجار والخلافات.
يؤكد استعراض سجل العلاقات الشخصية لصناع القرار في (تل أبيب) وواشنطن أنه لا يوجد رئيس أمريكي سيضر بمصالح بلاده لأنه يحب رئيس الوزراء الإسرائيلي، فقد كان بيل كلينتون وإيهود باراك زعيمين منسجمين، لكنهما مع ذلك لم يحققا التسوية مع سوريا والفلسطينيين.
كما فشلت الاتصالات بين (إسرائيل) والفلسطينيين في أيام باراك أوباما ووزير خارجيته جون كيري، وتتحمل (إسرائيل) جزءًا من مسئولية هذا الفشل، لأنها المتسبب الرئيس فيه، رغم أنها ألقت اللوم الرئيس على عاتق الأمريكيين بزعم أنهم أصروا على تجربة ما لم يكن لديه فرصة في المقام الأول.
في وقت لاحق لم يكن لدى أوباما وكيري كثير مودة تجاه بنيامين نتنياهو، لم يثقا به، لأنه لم يخبرهما بالحقيقة، وبدت العلاقة الشخصية أقل جودة، وتركت تأثيرها السلبي على نتائج التحركات السياسية، ولذلك ربما يجدر الإتيان بهذه النماذج لإعطاء تقييم أولي لأول لقاء قمة بين بايدن وبينيت، إذ لم تنشأ بعد أي علاقة، وليس بالضرورة أن تنشأ هناك علاقة، لأن بايدن يفكر بأشياء أكثر أهمية من (إسرائيل).
لقد نشأ بين رابين وكلينتون التزام متبادل بمشروع مشترك، وهو اتفاق أوسلو مع الفلسطينيين، ما ساهم في تنامي العلاقات بين الولايات المتحدة و(إسرائيل)، لكننا أمام مرحلة ازدهار جاءت وذهبت، وفي وقت لاحق أحب بوش الابن أولمرت أكثر مما أحبّه معظم الإسرائيليين، وكان على ما يرام مع أريئيل شارون، لكن كانت هناك فجوة ذهنية بين أجيالهما، بجانب بعض الأحداث التي خيمت سلبًا على العلاقة.
ثم جاء أولمرت وبوش، ففهم كلٌّ منهما الآخر، سارا معًا مسارًا قصيرًا في مؤتمر أنابوليس للتسوية مع الفلسطينيين، لكنه تعثر لاحقًا، لأنه تضمن أحداثًا دراماتيكية مثل حرب لبنان الثانية 2006، وقصف المفاعل في سوريا في 2007.
أما علاقة نتنياهو مع ترامب فشكلت تصنيفًا مثيرًا للجدل، فالأخير عُدّ رئيسًا مريحًا جدًّا لـ(إسرائيل)، ودودًا جدًّا، ومعظم تصرفات نتنياهو كانت بدرجة من التنسيق معه، رغم بعض التوترات، لأن ترامب لا يمكن أبدًا توقعه.
الخلاصة أن بناء علاقة بين بايدن وبينيت يتمثل بتعاملهما مع تحديات مشتركة، ولكن حتى اللحظة لا أحد يعلم كم سيكون لديهما من هذه التحديات، رغم نشوء مشروع مشترك مهم لفت انتباههما لكبح جماح التطلعات الإيرانية، وهذا قد يدفع بينيت وحاشيته لأن يضعوا ذلك في الاعتبار، إن أرادوا إنشاء علاقة وثيقة مع بايدن.