قال رئيس القائمة العربية الموحدة في الكنيست الإسرائيلي، منصور عباس، السبت الماضي، إن حزبه لم يتدخل في السياسة الأمنية للحكومة الحالية التي هو جزء منها، ونفى أن تكون حكومة نفتالي بينيت تراجعت عن الرد على غزة بعد إطلاق الصاروخ على سديروت تحت ضغط حزبه، مؤكدًا أن حزبه "لن يضر بشكل مباشر أو غير مباشر بأمن دولة الاحتلال".
أنا أعتقد جازمًا أن من سعى إلى الانضمام لحكومة إسرائيلية من أعضاء الكنيست العرب ليس لديهم أي انتماء للقضية الفلسطينية، ولا اهتمام حقيقي بحل مشاكل أهلنا في المناطق المحتلة عام 48، هم فقط يسعون إلى المناصب والمراكز الحكومية وتحقيق مصالحهم الخاصة، رغم أن ذلك ضد رغبة غالبية الفلسطينيين داخل المناطق المحتلة، ورغم أن ذلك يتعارض حتى مع باقي توجهات القوائم العربية داخل الكنيست الإسرائيلي.
قبل ما يزيد على شهر هدد أحد أعضاء القائمة العربية الموحدة -وهو النائب مازن غنايم- بإسقاط حكومة نفتالي بينيت، إذا أقدمت على شن حرب على قطاع غزة، ولم يصدر أي نفي عن القائمة العربية الموحدة لتلك التصريحات، ولم يصدر أي نفي عن رئيس القائمة منصور عباس بهذا الخصوص كما حصل في الأيام الاخيرة، وهذا التناقض يظهر الدور الذي تلعبه القائمة العربية الموحدة في الكنيست الإسرائيلي، ففي المرة الأولى كان تهديد غنايم بإسقاط الحكومة لأن الحكومة ليست بوارد شن أي هجوم على غزة، وهنا حاولت القائمة العربية الظهور في مظهر المدافع عن الشعب الفلسطيني، وحقيقة الأمر هي تغطي على ضعف جيش الاحتلال، وتمنح رئيس وزراء العدو بعض المسوغات لمواجهة ضعفه لعدم اتخاذ إجراءات قاسية ضد غزة.
الصيغة التي استخدمها النائب في الكنيست منصور عباس لنفي تدخله في أمن دولة الاحتلال كانت معيبة جدًّا، ولا يليق أن تصدر عن فلسطيني، فهو حين يؤكد أن حزبه لا يضر بشكل مباشر أو غير مباشر بأمن الدولة، ولذلك لا يتدخل في قرار الحرب على غزة؛ فهذا يحمل إدانة للشعب الفلسطيني وتبرئة للاحتلال من جرائمه، ومنها حصار غزة وشن الهجمات عليها، وما يخلف ذلك من دمار وسفك لدماء الأبرياء، ومع ذلك نقول إن نفيه إلى جانب أنه صيغته وقحة يحمل دلالات واحتمالات، منها أن دولة الاحتلال (إسرائيل) قررت شن هجوم على قطاع غزة، وجميع قوائم الائتلاف الحكومي متوافقة على ذلك، ومنها القائمة العربية الموحدة، أو أنه يراد إرسال رسالة إلى غزة بهذا المعنى من طريق منصور عباس، وقد يُظَن أن الضغوط الإسرائيلية والتأليب على القائمة الموحدة حملاه على تحديد موقفه جليًّا من الحرب على غزة، حتى يضمن استمرار المشاركة الفلسطينية في الحكومة الإسرائيلية الحالية والحكومات القادمة.
ختامًا نؤكد أن الحكومة الإسرائيلية الحالية ضعيفة في بنيتها الائتلافية، وليس لديها خيارات أفضل من حكومة نتنياهو لمواجهة المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، ولذلك إن أقصر الطرق إلى الهدوء هو رفع الحصار عن قطاع غزة كاملًا، والكف عن استهداف شعبنا ومصالحه ومقدساته في أرجاء فلسطين، فإن لم يحدث ذلك فإن الجولة الثانية من سيف القدس لن تتأخر.