تزايدت الانتقادات الإسرائيلية في الآونة الأخيرة لتصرفات وأفعال وزير الخارجية يائير لابيد، لأنها تقضي على التحالفات الإستراتيجية التي وظفها رئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو، بزعم أن لابيد يقود (إسرائيل) في مسار تصادم أمامي مع دول بعينها، شكلت جدارًا دفاعيًا دبلوماسيًا لها في الاتحاد الأوروبي في السنوات الأخيرة.
مع العلم أن لابيد كان يمكنه تجنب الأزمة مع بولندا بشأن قانون الهولوكوست، ما استدعى انتقاد سلوكه بشدة، لعدم وجود أساس واقعي لمزاعمه ضد البولنديين، لأنه عندما يعتقد وزير خارجية (إسرائيل) أن معاداة السامية هي الاسم الأخير لجميع المظالم على الأرض، فما أسهل عليه أن يرسم ورقة معاداة السامية حتى في الخلافات مع دولة صديقة لـ(إسرائيل) فقط لكسب بعض الإعجابات.
أكثر من ذلك، فإذا كان لابيد قلقًا حقًا بشأن إعادة الممتلكات اليهودية، فلا ينبغي أن تكون مشكلته مع بولندا أو المجر، بل مع فرنسا وألمانيا، حيث لا يكون الوضع أكثر تعقيدًا من أوروبا الشرقية فقط، ولا يوجد قانون يرسخ القضية، لكنها ليست حتى على جدول الأعمال في الخطاب العام، وفي السنوات الأولى من الحرب العالمية الثانية ظهرت مطالبات فردية من اليهود لاستعادة الممتلكات، لكن رُفضت معظم المطالبات.
يتساءل الإسرائيليون: هل يجرؤ لابيد على تسمية الحكومتين الألمانية أو الفرنسية بـ"المعاديتين للسامية"؟ بالتأكيد لا، لأنهما حليفتان مهمتان جدًا لـ(إسرائيل)، ولذلك فإن اختلاف المعايير الإسرائيلية بالنسبة لبولندا قد يكون بسبب الشعبوية الرخيصة لوزير الخارجية الإسرائيلي، الذي يعتقد أن المواجهة المباشرة مع الحكومة اليمينية في أوروبا الشرقية ستشتري له نقاط ائتمان في الجمهور الإسرائيلي.
لقد قيل وكتب الكثير عن إخفاقات لابيد في الشهرين الأولين من توليه منصب وزير الخارجية، وأنه مصحوب ومدعوم بسلوك غير دبلوماسي، على أقل تقدير، وإذا أمكن الاعتقاد بأن أخطاء لابيد بسبب افتقاره للخبرة في التعامل مع بولندا، فهذا يدل على أن في وزارة الخارجية من قرر إشعال العلاقات الخارجية لـ(إسرائيل) للانتقام الشخصي والرخيص والشعبوي.
مع العلم أن رئيس وزراء بولندا حذر من أن التحركات الإسرائيلية الأخيرة ستكون لها تداعيات في المحافل الدولية، ويبدو أن (إسرائيل) على وشك خسارة أحد أهم تحالفاتها الإستراتيجية في أوروبا، وربما حتى خارجها.
الخلاصة أنه عندما ينهار جدار (إسرائيل) الدفاعي في أوروبا، عبر الأزمة مع بولندا، فمن المتوقع أن نشهد تسونامي سياسيا يجتاح (إسرائيل)، لأن هذه الأزمة غير الضرورية تسببت بأضرار مستقبلية لها، لأن البديل أن لابيد وفريقه بوزارة الخارجية يستمرون في أخذ (إسرائيل) كلها معهم إلى الهاوية.