تثير العلاقات الاقتصادية المتطورة بين (إسرائيل) والصين الاهتمام والقلق في الولايات المتحدة، لأن بكين تبدو حريصة على استغلال الفرص الاقتصادية مع (تل أبيب)، بحصولها على التقنيات بالوسائل السرية، في ضوء أن أصداء الهجوم الإلكتروني الصيني على (إسرائيل) ترددت في الأيام الأخيرة.
تتحدث المعلومات المتواترة عن حملة تجسس إلكتروني صينية، شملت مهاجمة أهداف في الشرق الأوسط، ومنها (إسرائيل) منذ بداية 2019، ضد المنظمات الحكومية والتكنولوجيا والاتصالات والأمن والتمويل والترفيه والصحة، واستخدم المهاجمون الصينيون برامج للتسلل إلى مجموعة متنوعة من الكيانات في (إسرائيل) بغرض جمع المعلومات التجارية والتقنية.
اللافت أن هذه الحملة الأمنية الصينية تمت كجزء من مسار "مبادرة الحزام والطريق" الصينية، خدمة لرغبتها في الحصول على التقنيات من (إسرائيل)، مع العلم أنه بين 2007-2020 استثمرت الصين 19 مليار دولار في (إسرائيل)، منها تسعة مليارات دولار في قطاع التكنولوجيا، وستة مليارات دولار في البنية التحتية، وتمثل الاهتمام الصيني بالتكنولوجيا الإسرائيلية بإرسال أكاديمييها إليها، والاستحواذ على شركاتها، وإنشاء مراكز البحث والتطوير فيها.
بالتزامن مع ذلك، زادت الصين من تكثيف نشاطها أمام (إسرائيل) اقتصاديًا وسياسيًا وعسكريًا، وأصبحت سياستها أكثر حزمًا، بل وأحيانًا عدوانية، وباتت الأخيرة تشعر بمخاطر وتحديات العلاقات معها، وفي قلبها نقل التكنولوجيا والمعرفة على نطاق واسع إليها، وتشغيل الروافع الاقتصادية لتعزيز الأهداف السياسية والتجسس والنفوذ الأجنبي.
بجانب الابتكار الصيني فإنها تتابع الجهود للحصول على التكنولوجيا من (إسرائيل) في مجموعة متنوعة من القنوات والأساليب، العلنية والسرية، الحكومية والمدنية، وتشارك الشركات الصينية ومعاهد البحوث والهيئات الأكاديمية في هذا الجهد، بجانب هيئات الاستخبارات التابعة للحكومة والجيش الصينيين، الساعية بجهد للحصول على معلومات استخباراتية إسرائيلية لتعزيز مصالح الصين واقتصادها وأعمالها.
يبدو البعد السيبراني وسيلة نشطة للغاية في الجهود الصينية باتجاه (إسرائيل)، ويتيح جمعًا واسعًا من المعلومات الاستخبارية التكنولوجية وذكاء الأعمال، فضلاً عن الاستخبارات العسكرية والاستراتيجية، وهو المجال التاريخي لمجتمعات الاستخبارات في جميع أنحاء العالم، وهو أمر أساسي لأمن الصين القومي، ومكانته في العالم، حيث يعد الابتكار التكنولوجي جبهة رئيسة في "مسابقة القوى الاستراتيجية" معها.
الخلاصة أن علاقات (إسرائيل) مع الصين لها تحديات مباشرة تتجاوز موقف الولايات المتحدة بشأنها، فهناك احتمال أن تعمل الصين للحصول على التكنولوجيا في (إسرائيل) ليس فقط بموافقتها، بل بطرق سرية، ما يدفع (إسرائيل) إلى مزيد من الحذر من عمليات التجسس والمخاطر الإلكترونية الصينية، التي قد تسعى لتحقيق أهداف أخرى في الحكومة وقطاع الأعمال والأوساط الأكاديمية والقطاع المدني الإسرائيلي.