أثارت حادثة الهجوم على السفينة الإسرائيلية في بحر عمان تساؤلات إسرائيلية عن تنامي القدرات البحرية التي تحوزها إيران، لا سيما وهي بصدد إنشاء ما تعده معادلة أمام (إسرائيل)، عقب زيادة هجماتها على المواقع الإيرانية في سوريا.
القناعة الإسرائيلية التي تزداد مع مرور الوقت تؤكد أن المحور الذي تقوده إيران يقف وراء الهجوم الذي جاء لمحاولة تحذير (إسرائيل) من استمرار الهجمات في سوريا، وكأن لسان حال إيران يقول إن استهداف الحوثيين في اليمن، والميليشيات الموالية لإيران بالعراق وحزب الله، والمقاومة الفلسطينية، التي تشكل كلها جبهة مقاومة موحدة؛ سيقابل بالرد.
من المثير للاهتمام الإسرائيلي أن إيران رغم إنكارها الرسمي مسئوليتها عن الهجوم على تلك السفينة كأنها تعده ضربة باسم كل أطراف جبهة المقاومة، وليس لها فقط، في ضوء أن قدراتها في مجال الطائرات دون طيار كبيرة، ما يعني أن المواجهة ستبقى في مرافقة الجانبين الإيراني والإسرائيلي.
في الوقت ذاته تدرك إيران أن حجم الرد الإسرائيلي القاسي "المتوقع" على هجومها على السفينة الإسرائيلية لا يزال يثير مخاوف إسرائيلية من مواجهة مفترضة مع الحرس الثوري أيضًا، ويطرح من جديد طبيعة الخطأ الذي ارتكبته (إسرائيل) في السابق تجاه القطاع البحري الإيراني.
وتفترض الأوساط الإسرائيلية أن مهاجمة السفينة تعني أن الحرب مستمرة، ويثير مخاوف من تصعيد المواجهة البحرية المباشرة مع إيران، رغم وجود فرضيات إسرائيلية أخرى أنه لا توجد فرصة أن يؤدي هذا التطور إلى نشوب معركة بحرية متجددة، مع أن (إسرائيل) ارتكبت خطأ في المعركة البحرية السابقة، وبدأت الحملة بسرية شديدة، مع عمليات قاسية جدًّا، لكنها في وقت لاحق انتقلت إلى الثرثرة، خاصة في أواخر عهد نتنياهو، التي لم تكن في مصلحتها.
تحاول (إسرائيل) التقليل من شأن الهجوم الإيراني على السفينة بزعم أنه ليس بحاجة لمعلومات استخبارية معقدة أو قدرة فتاكة، ولأن الاصطدام بطائرة دون طيار على متن سفينة ليس بالأمر الصعب، وهناك فرضية إسرائيلية أخرى ترى أن المهاجمين الإيرانيين ربما ارتكبوا خطأ، ولعلهم لم يقصدوا قتل أفراد الطاقم، وإلحاق الضرر بهيكل السفينة، ما يعني أن الرد الإيراني لا يحمل حنكة أو قدرة على ردع (إسرائيل).
عند طرح السؤال عن كيفية تصرف (إسرائيل)، فمن الواضح أنها في ذروة حملة ضد إيران، حملة طويلة جدًّا، ما قد يستدعي منها تفعيل إستراتيجية "المعركة بين الحروب"، والتصرف في الخفاء لتحقيق ثلاثة أهداف معلنة: منع التمركز الإيراني في سوريا، ومنع تهريب الأسلحة المتطورة إلى حدودها، وإلحاق الضرر بمشروع الصواريخ الدقيقة، وبجانب كل ذلك العودة لمبادئ الحملة السرية، التي يجب أن تكون سرية، بعيدًا عن الثرثرة.