مع تزايد الحديث الإسرائيلي عن التوترات في لبنان، وتنامي حالات التسلل عبر الحدود، تتوقع الأوساط العسكرية أن يتخذ المستوى السياسي قرارات صعبة تجاه مشروع الصواريخ الدقيقة التابع لحزب الله، بعد أن نقل مركز ثقله إلى لبنان، عقب توجيه ضربات شديدة له في سوريا، مع أن الوضع في لبنان اليوم كئيب فعلًا، والحزب يعاني ضائقة في الميزانية بسبب تراجع أموال الدعم من إيران، التي تواجه صعوبات اقتصادية.
التقييم الإسرائيلي من الناحية العملية أنه حتى إن تمكنت (إسرائيل) من تعطيل وتأخير تطوير المشروع الصاروخي للحزب، فمن المرجح أن تزداد رغبته القوية في دفع المشروع قدمًا إلى الأمام، ما سيشكل معضلة ثقيلة على المستوى السياسي الإسرائيلي في السنوات القادمة في كيفية معالجة هذا التهديد، خاصة إن تجاوز الخط الأحمر بالكمية والنوعية الدقيقة للصواريخ.
وفق الرؤية الإسرائيلية، إن اجتياز الحزب الخط الأحمر يعني أن الذهاب للحرب سيبدو مسوغًا، وسيعتمد على هدف يستحق المغامرة، حتى لو كان يعني إطلاق آلاف الصواريخ الدقيقة يوميًّا، ما يؤكد في النهاية أن (إسرائيل) تخوض سباقًا مع الزمن، مع أن الحلول الدفاعية الأخرى القائمة على الليزر، بجانب القدرات الهجومية والاستخبارية، قد تنجح بالتخلص من قدراته العسكرية، لكن لا يزال الطريق بعيدًا لمجيء ذلك اليوم.
مع العلم أن قدرة الجيش على اكتشاف قذائف الحزب في أثناء القتال لم تتقدم بسرعة كافية، ولعل تجربة حرب غزة قدمت نموذجًا إسرائيليًّا مخيبًا للآمال، ما يعني أن قرارات صعبة ربما تتخذ في هذا الشأن على المستوى السياسي الإسرائيلي، لكن السؤال: هل هناك نقطة زمنية ينبغي فيها لـ(إسرائيل) أن تعمل ضد أهداف في لبنان؟ وإذا كان الأمر كذلك فبأي طريقة؟ وهل طبيعة الإجراءات ستؤدي بالضرورة إلى حرب على الحزب؟
هذه أسئلة كبيرة، وفي السنوات الأخيرة لم يحدد المستوى السياسي الإسرائيلي بدقة ما يطلبه من الجيش، مع أن الحكومة قبلت أخيرًا موقفه القائل بضرورة التعامل مع مشروع الصواريخ الدقيقة للحزب بطريقة مختلفة تمامًا عن التكثيف المنتظم للأسلحة التقليدية، أي أن (إسرائيل) حددت التعامل مع هذه المسألة إلى حد كبير على أنها أشبه بعقيدة منع العدو من حيازة الأسلحة النووية.
كل ذلك يؤكد أنه ليس مستبعدًا أن تزيد المؤسسة العسكرية الإسرائيلية في الأشهر المقبلة جهودها العملياتية السرية ضد الحزب، مع التأكيد أن نموذج العمل الإسرائيلي داخل إيران ليس مناسبًا ضد الحزب في لبنان، ذي الحدود المشتركة، حيث تكون فرص الحرب أعلى بكثير، وسيكون المستوى السياسي الإسرائيلي مطالبًا بإبداء استعداده عن مدى شد الحبل والمخاطرة بالحرب.