فلسطين أون لاين

​من أكبر المساجد التاريخية في فلسطين

مسجد ابن عثمان.. أجواء رمضانية بامتياز

...
غزة - نسمة حمتو

وسط سوق الشجاعية شرق مدينة غزة يصدح صوت أذان الظهر عاليًا في مسجد ابن عثمان، أحد المساجد القديمة التي يقبل الناس على الصلاة فيها، خاصة في شهر رمضان الكريم، لما له من عراقة تاريخية وأصول تركية وعثمانية تحدّث إليهم أجدادهم عنها، فتربوا في ذلك المسجد الكبير، الذي يعد معلمًا تاريخيًّا من معالم تلك المنطقة.

مصاطب رخامية

في الجهة الغربية من المسجد يوجد باب كبير أسفله مصاطب رخامية ينزل عليها الناس ليدخلوا المسجد، وفي الأعلى قبة كبيرة تميزت بمساحتها الواسعة، وعلى الجانب الأيسر من المسجد يوجد سجاد كبير مفروش على الأرض يجلس عليه المصلون لتلاوة القرآن بانتظار إقامة المؤذن الصلاة.

وفي الزاوية اليمنى من المسجد توجد مكتبة صغيرة، وغرفة المؤذن الذي اعتاد رفع الأذان في هذا المسجد منذ ما يزيد على 30 عامًا.

الحاج سالم فرج أحد أعلام هذا المسجد الكبير، تربى على الصلاة في هذا المسجد منذ كان في السابعة من عمره إذ كان يصطحبه والده وجده للصلاة فيه، ثم كبر وأصبح مؤذنًا للمسجد، ولا يفارقه أبدًا.

شخصيات تاريخية

يقول فرج عن الصلاة في مسجد ابن عثمان في شهر رمضان الكريم: "في هذا المسجد كان يصلي الشيخ خليل الحليمي، ومن بعده ابنه توفيق الحليمي، وبعض المشايخ الكبار كانوا يفضلون الصلاة في هذا المسجد".

ما يميز مسجد ابن عثمان هو وجود "اللواوين" الممرات الواسعة التي يجلس فيها المصلون، مع وجود بابين الأول شمالي والثاني جنوبي، بحسب إفادة فرج.

في مسجد ابن عثمان صلاة التراويح وأجواء رمضان ليست كأي مسجد آخر، فتجد الشباب والشيوخ والأطفال يجتمعون بعد صلاة التراويح في جلسات العلم، غير تلك الدروس الدينية التي يحرص إمام المسجد على إعطائها للشباب والأطفال.

هذا المسجد من أكبر مساجد غزة القديمة، وقد بني في نهاية القرن الثامن الهجري على مراحل متعددة من العصر المملوكي، وقد بناه شهاب الدين أحمد ابن عثمان، وهو نابلسي الأصل، وكان رجلًا صالحًا.

ابن عثمان

ولم ينقش ابن عثمان اسمه على شيء من جدران المسجد لإخلاصه، فاشتهر به من ذلك التاريخ إلى يومنا هذا، وتوفي في سنة 805 ه (1402م)، ويوجد بالرواق الغربي من المسجد قبر الأمير سيف الدين يلخجا الذي تولى نيابة غزة سنة 849 ه (1445م)، وتوفي بعد عام من توليه النيابة.

تتجلّى روعة العمارة المملوكية وزخارفها المميّزة على جدران مسجد "ابن عثمان" الأثري، فهذه النقوش والزخارف تعود إلى العصر الذي بني فيه.

في زاوية المسجد يوجد غرفة صغيرة مخصصة للمؤذن الذي لم يكن في البداية يمتلك مكبرات للصوت، فكان يصعد أعلى المسجد ليسمعه الناس.

ويشير فرج إلى أن الكثير من الرجال والنساء يقبلون على الصلاة في هذا المسجد، خاصة في شهر رمضان الكريم، كونه أكبر المساجد، ويتميز بأنه يوجد في منطقة شعبية وسط سوق الشجاعية، فيلجأ الباعة إلى الصلاة فيه تاركين انشغالهم في البيع.

مقبرة قديمة

يُعدّ جامع "ابن عثمان" من أكبر المساجد الأثرية في مدينة غزّة، ومن ميزاته مساحته الواسعة التي تستوعب نحو ألف وخمسمئة شخص، وتتّسع باحته الخارجية للمزيد، وقد حافظ على رونقه مع مرور الزمن.

ويبين فرج أنّ مساحة الساحة الداخلية للمسجد هي 400 متر مربعة، ومساحة المسجد ألفا متر مربعة، مشيرًا إلى أنّ الليوان الجنوبي في الجهة الغربية يحتوي على مقبرة، تُعرف عربيًّا بـ"فستقية"، للمقاومين الذين جاؤوا للجهاد في فلسطين ضدّ الغزاة.

وتعطي هذه المقبرة المسجد مكانة دينية وتاريخية متميّزة، وهي تضمّ رفات نحو أربعين مقاتلًا، بينهم جنود أتراك، استشهدوا في الحروب الصليبية.