تعترف محافل إسرائيلية واسعة أن ما تصفه بعملية "غسيل الأدمغة" ضد (إسرائيل) في العالم باتت مجدية، ومن يعتقد غير ذلك من الإسرائيليين فإنه مخطئ، وفي حال انتظروا حتى المواجهة العسكرية التالية فستكون خسارتهم مضاعفة، في ضوء ما أظهره استطلاع جديد نُشر في الولايات المتحدة، وأكد أن 25٪ من اليهود الأمريكيين يعتقدون أن (إسرائيل) دولة فصل عنصري، و22٪ يعتقدون أنها ترتكب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين.
تؤكد هذه النتائج أن الدعاية المضادة لـ (إسرائيل) حول العالم باتت تؤتي أكلها، لأن بعض الناس يفهمون هذا المجال أفضل بكثير مما يفهمه الإسرائيليون، بدليل أن المواجهة الأخيرة في غزة بالنسبة للكثيرين انتهت بـ"انتصار" لحماس، وعدوا أن الحركة حصلت على الرغم من كل مشاهد الدمار على "صورة النصر".
مع العلم أن الاستطلاع الأخير الذي شهدته الولايات المتحدة جاء في الوقت المناسب ليثبت أن كلام أعداء (إسرائيل) حقيقي، وهذا هو الواقع الذي بدأ في عملية "حارس الأسوار"، فقد حان الوقت لكي يفهم صانعو القرار الإسرائيلي أن الدعاية تلعب دورًا رئيسًا في الصراع مع الفلسطينيين.
هذه النتائج تزعج الاحتلال، الذي يواصل اعتناق الوهم بأن مقاتلة إف16 فقط هي من ستقرر المعركة أمام حماس، في ضوء أن كارهي (إسرائيل) لن يغيروا عقولهم، بل إن آراء الآخرين من ستتغير، لأنه يصعب التعامل مع صور المباني التي تحولت إلى أنقاض في غزة، وصور الأطفال الذين قتلوا بنيران جيش الاحتلال.
في العصر الحالي وفي عصر شبكات التواصل الاجتماعي، حيث يكون كل هاتف محمول بمحطة إذاعية، فإن خسارة (إسرائيل) في هذا المجال معروفة مسبقًا، وإذا كان هذا ما حدث في حرب غزة الأخيرة، فماذا سيحدث في المواجهة القادمة؟ بالتأكيد سيكون أكثر صعوبة على الاحتلال.
مع العلم أن تأثير الدعاية المضادة لــ (إسرائيل) أسفر عن رفض عمال الموانئ في الولايات المتحدة وأوروبا تحميل أو تفريغ السفن الإسرائيلية، وفي المواجهة القادمة قد يكون الأمر أسوأ بكثير على (إسرائيل)، لأننا لم نعد أمام مجرد مظاهرات، وليست مجرد مقالات، أو تصريحات، بل إن هذه مقاطعات قد توقف أو تؤخر الشحنات الأساسية، بما في ذلك الذخيرة الحية لجيش الاحتلال، وهو ما يحدث بالفعل.
الخلاصة أن الاحتلال توهم للحظة واحدة أن قدراته العسكرية التدميرية هي من تحقق له صيغة الانتصار، وليس سواها، على الرغم من أن وسائل الدعاية وأساليب الإعلام التي يتقنها الفلسطينيون والعرب وأحرار العالم، استطاعت أن تحقق نقاطا متراكمة ضد الاحتلال، الذي في حال قرر الانتظار حتى المواجهة التالية، فسيكون الوقت متأخرًا حينها.