فلسطين أون لاين

فتح.. السلطة.. الشعب.. ماذا تريدون منا؟

منذ جريمة قتل نزار بنات والأمور تتفاقم بتعاظم نحو الهاوية. قتل نزار كقتل نيفين عواودة وقتل إسراء غريب. تأبى أرواحهم الرحيل. تأبى إلا أن تقتص من قاتلها، وعبثا تحاول على أرض تعيث سلطتها بالأرض والعرض عبثا.

فلا كرامة لإنسان حي وميت.

عذرا نزار، وعذرا لرفاقك من الأرواح الكثيرة التي ماتت أو قتلت أو زهقت ظلما. فنحن الأحياء لسنا أكثر حياة منكم. نحن نجول الأرض لنشهد على ضعفنا ووهننا وقلة حيلتنا، وأنتم تنظرون من فوق لعلكم تملّون منا وتمضون لعدل عند رب هذا الخلق.

ما الذي تريده السلطة منا نحن الشعب؟

لقد أعلنا استسلامنا منذ زمن. نحن فقط نتخبط تخبط السمكة التي تعرف أن لحظات حياتها بعد أن خرجت من الماء باتت وشيكة. فلقد قتلتم فينا الحياة، ومن تتعاملون معهم بصفتهم شعبًا نحن نمثله لسنا إلا كتلك السمكات.

شعبكم هو الحيتان والتماسيح والطحالب التي تكدّرت بالمياه وتضحّلت وتحوّلت إلى مستنقع ملوّث.

ما المطلوب منا؟

ألا نخرج للشوارع مطالبين بمحاكمة قتلة نزار وكشفهم؟

ألا نتكلم عن فسادكم؟

أن نشارككم التهاني بتعييناتكم وترقياتكم وافتتاحاتكم؟

أن نكتب فيكم شعرا وغزلا ونكيل المديح عليكم ونغني معًا رام الله جميلة، ونصدح بأصواتنا أوبريت رئيسنا العظيم ونوزع كتيبات رئيسنا قدوتنا؟

هل تريدون أن نُحوِّل علم فلسطين إلى علم فتح ونضيف له لا إله إلا الله تأكيدا لتسليمنا لفتح الأبية بعد الله ورسوله؟

هل تريدون أن نُشغِّل أغاني فتح ونطلق الرصاص بالهواء ونغلق الشوارع ونفحّط بالسيارات تأييدا لفتح السلطة العظيم؟

هل تريدون أن نعتذر لرجال الأمن الذين سحلوا المواطنين وضربوهم ونكلوا بهم واعتقلوهم وذلوهم وحبسوهم؟

هل تريدون الاستسماح من الأمن المتخفي بلباس عادي ونتأسف لهم على شدنا ودفعنا وابتزازنا وسرقة هواتفنا وحقائبنا وكسر كاميراتنا؟

هل تريدون أن نرفع الأعلام البيضاء بجانب الأعلام الصفراء مع لا إله إلا الله على بيوتنا لنأمّن حياتنا منكم؟

هل تريدون قتل المزيد منا؟

هل تريدون زجنا بالمعتقلات؟

هل تريدون فضحنا ونشر صورنا وفيديوهاتنا وابتزازنا والتشهير بنا؟

لكم كل هذا، وبعد؟

ما الذي علينا أن نفعله بصفتنا شعبًا من أجل أن تكون فتح السلطة بخير؟

لأننا وبكل جدية نحتاج إلى فتح سلطة هادئة غير غاضبة لكي نأمن ما يمكن أمنه في حياتنا.

لم نعد نقوَ على مواجهتكم. فإعداداتنا مصممة لمواجهة الاحتلال. ومواجهتكم عبثت بعياراتنا الخاصة كشعب. يكفينا أوجاعنا التي لا يكف عن تسبيبها لنا الاحتلال.

يكفينا الفواجع التي لا حول لنا بها ولا قوة.

يكفينا دموع الأمهات على أبنائهم في معتقلات الاحتلال

يكفينا حرقة الأمهات والآباء على فقدان فلذات أكبادهم

يكفينا استيلاء الاحتلال على أراضينا، وتوسيع مستعمراتهم، وتهويد شوارعنا وحوارينا.

اسرقوا بصمت وأخفوا جرائمكم عنا.

أفسدوا وافرضوا علينا الكمامات لكيلا تخترق رائحة الفساد أنوفنا وأنفاسنا فتسمعون أنيننا وتذمرنا.

اعبثوا كما شئتم؛ نسقوا، واستجدوا، وبيعوا، واشتروا، واخفوا كل أفعالكم ما استطعتم.

داروا على مصائبكم عنا وجرائمكم وخنوعكم وفسادكم عنا.

واعذرونا، فما ترون من ردود فعل منا ليست إلا مؤقتة. نحن كما قلت سالفا، كسمكة تدرك جيدا انتهاء حياتها فتتخبط فقط.

استمروا في عروضكم.

استقبلوا الوفود وتغنوا بإنجازات اللقاحات الفاسدة والأقل فسادا أو الأكثر لا يهم.

اشتروا السلاح لتقمعونا. نسقوا مع الاحتلال من أجل اعتقالاتنا وقتلنا، أطربونا باستحقاقات وإنجازات أمام دول العالم، فنحن خلعنا الكمامات، وهم لا يزالون يرتدونها.

استجدوا (إسرائيل) وكذِّبوا ما تتناقله صحفهم، وتحليلاتهم ومعلوماتهم وتسريباتهم.

واستمِروا، استمروا بالدعس قدما على الشعب، نحن نخافكم بالفعل، وصلنا تهديدكم من أعلى صفوفكم إلى أدناها.

نعرف أنكم تستطيعون كبح جماحنا وقتل أرواحنا وتيتيم أبنائنا وتشريد عائلاتنا وخراب بيوتنا وفضح عوراتنا والتنكيل بنا والتعذيب.

غيروا حكومة، بدلوا وزراء، أكثروا من التعيينات والترقيات، زيدوا أبناء فتحكم فتوحات.

أضيفوا قوانين، احجبوا قوانين.

أنتم أصحاب الشرعية الوطنية والدينية.

أنتم أصحاب الطلقة الأولى والطلقة الأخيرة.

الطلقة الأخيرة التي أصابت كبدنا.

فتح السلطة والشعب إلى أين؟